وفى سنة ٨٨١ ه أصلح خشب المسجد بالرواق الشرقى ، وغير رخام الحجرة الشريفة من داخله وخارجه ، ورصصت السقوف التى بين أحجار المطاف ورخم داخل البيت الشريف.
وفى سنة ٨٨٣ ه أمر السلطان قايتباى وكيله وتاجره الخواجا شمس الدين محمد بن عمر الشهير بابن الزمن ، وشاد عمائره الأمير سفر المالى أن يحصل له موضعا مشرفا على الحرم الشريف ليبنى له فيه مدرسة يدرس فيها علماء المذاهب الأربعة ورباطا يسكنه الفقراء ، ويعمل ربوعا ومسقفات يحصل له منها ريع كثير يصرف منه على المدرسين وعلى القراوان يقرأ له ربعه فى كل يوم يحضرها القضاة الأربعة والمنصرفون ويقرر لهم وظائف ويعمل مكتبا للأيتام ، وغير ذلك من جهات الخير ، واستبدل له رباط السدرة ورباط المراغى وكانا متصلين ، وكان إلى جانب رباط المراغى دار الشريفة شمسيه من شريف بنى حسن اشتراها منها وهدم ذلك جميعه ، وجعل فيها اثنين وسبعين خلوة ومجمعا كبيرا مشرفا على المسجد الحرام وعلى المسعى الشريف ومكتبا ومأذنه ، وصير الجمع المذكور مدرسة بناها بالرخام الملون والسقف الذهب ، وقرر فيه أربعة مدرسين على المذاهب الأربعة وأربعين طالبا ، وأرسل خزانة كتب وقفها على طلبة العلم الشريف ، وجعل مقرها المدرسة المذكورة ، وجعل لها خازنا عين له مبلغا ، وقد استولت عليها أيدى المستعيرين ، وضيعوا منها جانبا كبيرا ، وبقى منها ثلثمائة مجلد ، وهى تحت متكلم مؤلف هذا الكتاب صنتها ، وكمّلت بعض ما فات منها ، وجلدت فيها ما يحتاج إلى التجليد ، واستخلصت منها وجدته ، وأعدته إلى الوقف (صانه الله تعالى) وجعل الواقف فى ذلك الحج للقضاة الأربعة حضورا بعد العصر مع جماعة من الفقهاء يقرءون ثلاثين جزءا من القرآن ، وجعل فقيها يعلم أربعين صبيا من الأيتام ، رتب لكل واحد من الأيتام وأهل الخلاوى ما يكفيهم من القمح فى كل سنة ، وللمدرسين ، والمؤذنين ، وقراء الأجزاء مبالغ من الذهب تصرف لهم كل سنة.
وبنى عدة ربوع ودور تغل كل عام نحو ألفى ذهب ، ووقف عليهم بمصر