الظاهر جقمق الداورية الكبرى إلى أن جعله أتابكا ، واستمر إلى أن تسلطن ، وتم أمره فى الملك ، وطالت أيامه نحو ثمان سنين وشهرين وأياما وكان طويلا خفيف اللحية ، بحيث اشتهر ب «إينال الأجرود» ، وكان قليل الظلم قليل سفك الدماء متجاوزا عن الخطأ والتقصير ، لأن مماليكه ساءت سيرتهم فى الناس.
وفى ابتداء السلطنة سافر إلى أمير الترك الراكن بمكة بشبك الصوفى طوغان شيخ الحرم ومحتسب مكة ، وولى شدا على جدة جاتى بك ، وهو الذى بنى البستان الذى على يساره ، وغرس منه ما قدر عليه من الأشجار إلى الذاهب إلى منى المعروفة إلى الآن وحفر فيه عدة أبيار ، وسجر التمر هندى ـ وأدركناه ـ ووقف عليه مسقفات بمكة ، ولم يقع فى أيام سلطان «إينال» عمرة الحرم الشريف ، واستقر سلطانا إلى أن خلع نفسه من السلطنة ، وعقدها لولده الملك المؤيد شهاب الدين أحمد بن إينال العلاى فى يوم الأربعاء لأربعة عشر ليلة خلت من جمادى الأول سنة ٨٧٥ ه ، وتوفى والده بعد ذلك وأخذ ثم خلعه أتابكه حشقدم بعد خمسة أشهر وعشرة أيام.
وولى السلطنة عوضه الملك الظاهر سيف الدين أبو سعيد حشقدم الناصرى فى يوم الأحد لإحدى عشر ليلة بقيت من شهر رمضان سنة ٨٧٥ ه ، وهو رومى جلبه الخواجا ناصر الدين وبه عرف ، واشتراه المؤيد شيخ ، وأعتقه ، وصار خاصكيا عنده ، ثم تقلب فى الدولة إلى أن جعله الأشرف إينال أتابكا لولده فخلع وتسلطن مكانه ، وكان محبا للخير وكسى الكعبة الشريفة فى أول ولايته ـ على العادة ـ.
ولكن كانت كسوة الجانب الشرقى والجانب الشامى بجامات سود ، ك وبالجامات التى بها الجانب الشرقى بعض ذهب ، وأرسل فى سنة ٨٧٦ منبرا وكان من خشب فركب فى يوم الأربعاء والخميس ، فخطب عليه فى يوم الجمعة ثامن ذى الحجة الحرام.
وكانت مدة سلطنته ست سنين ونصف تقريبا ومرض فطال مرضه ، وتوفى يوم السبت لعشر خلون من شهر ربيع الأول سنة ٨٧٢ ه.