« إنّ الحسن والحسين عليهماالسلام كانا يقبلان جوائز معاوية » .
قلت : قد علم أن موضع الشبهة حقيق
بالاجتناب ، والامام عليهالسلام
لا يواقعها ، وما كان قبولهما عليهما السلام لجوائزه إلا ما لهما من الحقّ في بيت
المال مع أنّ تصَرَّف معاوية عليه غضب الله وسخطه كان بغير رضاً منهما عليهماالسلام. فتناولهما حقّهما عليهماالسلام المرتب على تصرّفه دليلٌ على جواز ذلك
لذوي الحقوق في بيت المال من المؤمنين ، نظراً إلى التأسّي.
وقد نبّه « شيخنا » في « الدروس »
على هذا
المعنى وفرّق بين الجائزة من الظالم وبين أخذ الحقّ الثابت في بيت المال أصالة.
فإنّ ترك قبول الأول أفضل ، بخلاف الثاني.
ومثل هذه الأخبار كثير لمن تتبع ولسنا
بصدد ذلك ، فإن في هذا غنية في الدلالة على المطلوب في تتّبع ما سواها.
وكونُ بعضها قد يعتري بعض رجال أسناده
طعن أو جهالة ، غيرُ قادحٍ في شيء منها بوجه من الوجوه ، على أنّ أسانيد كثيرة
منها صحيحة ، كما قدّمناه. ومع ذلك فإن الأصحاب كلهم أوجلّهم قد أفتوا بمضمونها في
كتبهم وعملوا به ، فيما بلغنا عنهم.
والخبر الضعيف الاسناد إذا انجبر الخبر
بقول الأصحاب وعملهم ارتقى إلى مرتبة الصحاح وانتظم في سلك الحجج ، واُلحِقَ
بالمشهور.
فإن قيل : هنا سؤالان.
الأول
: إنّ هذه الأخبار تضمّنت حلّ الشراء
خاصّة ، فمن أين ثبت حلّ التناول مُطلقاً ؟
الثاني
: هذه الأخبار إنّما دلّت على جواز التناول
من الجائر بعد استيلائه وأخذه
__________________