وقد كانوا في القديم يقطنون قرب نهر الاردن ، حيث اعتمد مار يوحنا الذي نسبوا إليه. إلا أنه منذ زمن فتح محمد صلىاللهعليهوسلم لفلسطين (١) تعهد لهم بمنع التعرض لهم. ولكن خلفاءه عملوا على إبادتهم. وللوصول إلى هذه الغاية خربوا كنائسهم وأحرقوا كتبهم واستعملوا كل وسائل القسوة ضدهم (٢) ، فاضطرهم ذلك إلى الانتكاص إلى بلاد ما بين النهرين وكلدية ، وبقوا مدة خاضعين لبطريرك بابل ، ثم انفصلوا عنه منذ مائة وستين سنة (٣). ثم انتقلوا إلى فارس وبلاد العرب والمدن التي في أنحاء البصرة مثل : شوشتر (٤) (Souter) ، ودسبول (Despoul) ، ورامز (٥) (Rumez) ، والباطنة (Bitoum) ، والمناوي (Mono) ، وهندجان (Endecan) ، وخلف آباد (٦) (Calafabat) ، والحويزة
__________________
(١) كذا ما في الأصل. وكلها كذب وافتراضات ولو كان ذلك صدقا لما بقي شرذمة منهم على وجه البسيطة ولكن كل ذلك لحاجة في نفس يعقوب. والصواب أن فلسطين فتحت في أيام الخليفة أبي بكر الصديق ، لا في أيام النبي. طالع هذا الموضوع في كتاب فتوح البلدان للبلاذري (ص ١٣٨ ـ ١٤٤ طبعة دي غويه).
(٢) لم نطلع على حادثة اضطهاد من هذا القبيل في تاريخ الصابئة ، وقد حصلت هجرتهم من فلسطين قبل الإسلام بزمن طويل. وكان سبب الهجرة على ما جاء في رسالة حران (حاران كاويثة) العداء الشديد بينهم وبين اليهود القاطنين في فلسطين ، مما جر إلى معارك طويلة بينهم وكان الصابئة أقلية فغلبوا على أمرهم وهجروا فلسطين إلى العراق وإيران وعاشوا بعد ذلك بوئام تام مع الإسلام. (عن الأستاذ عبد الجبار عبد الله).
(٣) لم نعثر على نص تاريخي يؤيد زعم المؤلف. ولم يكونوا في وقت من الاوقات من اتباع بطريرك بابل.
(٤) بعض الأمكنة التي ذكرها تافرنييه جاءت بوجه مصحف ، لم نستطع معه تحقيق اسمه العربي ، فأبقينا اسمه بالفرنجية كما ورد في الرحلة ذاتها.
(٥) قال ياقوت في معجم البلدان (٢ : ٧٣٨) في كلامه على مدينة «رامهرمز» : «ان اسمها مختصر من رامهرمز أردشير ... والعامة يسمونها رامز كسلا منهم عن تتمة اللفظة بكمالها واختصارا». وقد سماها ابن بطوطة (تحفة النظار ٢ : ٢٢ طبعة باريس) بلفظة «رامز» أيضا.
(٦) هذه التسمية العربية عن الدكتور مصطفى جواد.