حياة السندي والشيخ محمد بن عبد الله المغربي. ثم رجع إلى القاهرة فأخذ المعقولات والمنقولات عن السيد علي الضرير الحنفي ، وكان معيد درسه وانتفع به كثيرا ، وعن الشيخ موسى الحنفي والشيخ سليمان المنصوري مفتي الحنفية وعن الشيخ سالم النفزاوي المالكي والشيخ الدفري والشيخ أحمد الملوي والشهاب الشيخ أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري والشيخ علي العمادي والشيخ محمد بن سيف والشيخ منصور المنوفي.
وأذن له المشايخ بالتدريس فأقرأ «الدر المختار» وهو أول من أقرأه في تلك الديار وأول محشّ له ، فأقرأه في أربع سنوات مع الملازمة التامة ، وأقرأ «الهداية» وغيرها ، وانتفع به الجل.
واشتهر بالذكاء والفضيلة ، وتزاحمت الطلبة على دروسه ، وصار إماما ليوسف كيخيه ، وانتفع من المذكور بدنيا عريضة وجهات كثيرة ، إلى أن توفي فآذاه الأمير عثمان الكبير أحد أمراء مصر المعبر عنهم بالصناجق واستخلص جميع ما بيده من الجهات وألزمه بأموال كثيرة ، فما بقي عنده شيء. ففي تلك السنة عزل من طرف المصريين الوزير سليمان باشا العظم من ولاية مصر ، فأرسلوا للشكاية عليه المترجم مع جماعة ، فتوجه إلى الدولة العثمانية فما اعتبره واليها ، وكان رئيس كتابها إذ ذاك الوزير محمد باشا المعروف بالراغب ، فلما اجتمع به واطلع على غزير فضله وعلمه أخذه إليه وتلمذ له فأقرأه في كثير من العلوم وقابل له النسخ المتعددة منها «الفتوحات المكية» أتى بأصلها نسخة مؤلفها من قونية وغالب النسخ المقابلة خط المترجم ، واشتهر إلى أن أعطي الراغب الأطواغ ومنصب مصر ، فأراد التوجه وأنزل حوائجه في السفينة فمنعته القدرة الإلهية وبقي في القسطنطينية ، واجتمع بشيخ الإسلام علامة الروم المولى عبد الله الشهير بالإيراني ، وكان إذ ذاك قاضي العساكر ، فصار عنده مفتشا ومميزا ، وقرأ عليه علماء الروم منهم ولد المذكور شيخ الإسلام المولى محمد أسعد ، ومنهم كتخدا الدولة محمد أمين كاشف المشهور بالمعارف ، وأحد رؤساء الكتاب ملاجق زاده المولى إسحق قاضي العساكر ، ولازم من ملاجق زاده المذكور على قاعدة المدرسين الموالي. ثم لما صار شيخ الإسلام المولى السيد مرتضى ولد شيخ الإسلام المولى السيد فيض الله الشهيد عرضت عليه مؤلفاته ، فأعطاه تدريس الدولة وسلك طريق الموالي إلى أن وصل إلى موصلة السليمانية فأدركته المنية قبل الأمنية.