ومبادىء العلوم في بلدته انتقل إلى حلب ولازم العلامة الكبير الشيخ أحمد الترمانيني.
ثم رحل لمصر ودخل الأزهر وجدّ هناك في التحصيل على علماء وقته ، منهم العلامة الشيخ محمد الأنبابي قرأ عليه الفقه وبعض العلوم العقلية ، ومنهم شيخ المشايخ الشيخ محمد الخضري الدمياطي قرأ عليه علم الحديث. ولم يزل مجدا في التحصيل حتى تأهل للتدريس في الأزهر فكتب في زمرة علمائه وصار يدرس فيه ، فقرأ شرح ابن عقيل بحاشية السجاعي وكتب عليها تقريرات تنبىء عن تفوقه ، وطبعت هذه التقريرات سنة ١٣٢٥.
وكان رحمهالله حسن المحادثة كريم الأخلاق ، لا ترى فيه أثرا من آثار الكبر والعظمة مع ما كان عليه من الثروة الطائلة التي حصلها بطبع الكتب والتجارة ، وإذا حادثته لا تمل من حديثه مع دين متين واستقامة في المعاملات.
وحج عدة مرات ، وزار المدينة المنورة على صاحبها أفضل السلام وأزكى التحية ، ولما رأى حالة الغرباء فيها وقف على أربعين رجلا من فقراء المدينة المشتغلين بطلب العلم ، ووقف على الفقراء العجزة الملازمين في حضرة السيد أحمد البدوي ، ووقف أوقافا أدخل فيها زوجتيه وإن كن متزوجات ، ووصل في أوقافه رحمه بهبات وافرة رحمهالله تعالى.
وكان شروعه في التجارة في الكتب وطبعها في سنة ١٢٧٦ ، فوفق لنشر الكثير منها ، ومنها ما أصبح الآن في حكم المخطوطات لندرتها ، منها تفسير «الدر المنثور» للجلال السيوطي في ستة مجلدات ، و «إتحاف البشر في القراءات الأربعة عشر» ، و «المكرر فيما تواتر في القراءات السبع وتحرر» ، و «منار الهدى في الوقف والابتدا». وطبع في علم الحديث «شرح القسطلاني على صحيح البخاري» ، في عشرة مجلدات ، و «مسند الإمام أحمد بن حنبل» في ستة مجلدات ، و «مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح» في خمسة مجلدات ، و «صحيح البخاري» ، و «سنن النسائي». وفي الفقه الشافعي «حاشية الجمل على المنهج» في خمسة مجلدات ، و «شرح الروض» لشيخ الإسلام في أربعة مجلدات ، و «شرح العمدة» في مجلدين ، و «فتح الجواد في شرح الإرشاد» في مجلدين. وفي مذهب مالك «الخرشي على خليل» في خمسة مجلدات ، و «الدسوقي على خليل» في أربعة مجلدات. وفي علم التصوف «شرح الإحياء» للزبيدي في عشرة مجلدات ، إلى غير ذلك من الكتب التي لو استقصيت لطال الكلام. وذلك ولا ريب يدلك على علو همته وأن