له ميل عظيم إلى قضاء حوائج الناس ونفع الكثير منهم بواسطة ذلك ، ودودا متواضعا بعيدا عن حب الشهرة والظهور في أمر مشيخة الطريق. وكان ينهى بني طريقته عن ضرب السلاح وغير ذلك أشد النهي وينكره عليهم أعظم إنكار. وكان ورده سورة الإخلاص فكان كثير التلاوة لها متى أمكنته الفرصة ، هذا غاية ما كان عليه المترجم ، ولم ينسب له أحد من الناس كرامة ولا حالا ولا علما. ومن أكاذيبه ما قاله في كتابه «قلادة الجواهر» في ترجمة أبيه الشيخ حسن وادي من أنه تلقى الطريقة الرفاعية على الشيخ رجب الصيادي دفين كفر سجنا ، وأقامه عنه خليفة فجلس على السجادة الرفاعية بزاويته في قصبة خان شيخون الملحقة بمعرة النعمان ، واشتهر أمره وسار في البلاد ذكره ، وانتسب له خلق كثير من القبائل والقرى والمدن ، وانتفع به جماعة كثيرة ، وله مناقب مأثورة وعنايات مشهورة. ثم ساق له عدة كرامات ووصفه بالسيد الجليل الفاضل الأصيل [ثم قال] : وأما سخاؤه وكرم طبعه ففي نواحيهم أشهر من أن يذكر ، وأما علو مظهره وتأييد ظهوره فهي أشهر من نار على علم. [ثم قال] : وانتسب إليه خلق لا يحصى عددهم ، وزادت خلفاؤه عن المائة خليفة. سكن حلب الشهباء من سنين يسيرة وعمر الزاوية الرفاعية فيها ، وعلت شهرته في حلب الشهباء ونواحيها ، وحسن فيه اعتقاد الناس. ثم ساق بعد ذلك نسبه إلى الإمام الحسين رضياللهعنه. وترجمه بنحو ذلك في كتابه «تنوير الأبصار» ، وربما يكون ترجمه في غير كتاب من كتبه.
وجميع ما وصفه به ولده من العلم والفضل وما نسبه إليه من الكرامات وخوارق العادات وسخاء الطبع لا أصل له ، وهو محض افتراء ، فوالده لم يكن سوى رجل من البسطاء المغفلين أثر عنه في تغفله عدة حكايات وليس فيه مزية علم ولا سمة فضل ، وحقيقة أمره أنه لما نشأ ولده أبو الهدى أفندي وعلا أمره وذاع في الناس صيته استحضره إلى الآستانة وألبسه العمامة الخضراء التي هي شعار السادة الرفاعية وصار يعظم شأنه لدى سكان الآستانة وينسب له ما شاء من الفضل والكرامات والأحوال ليصطاد بذلك حطام الدنيا ، وهو ممن برع في ذلك جدا ، وأنشأ له زاوية في حلب في محلة باب الأحمر سنة ثمان وتسعين ومائتين وألف. ثم إن ولده أرسله إلى حلب قبيل سنة ١٣١١ فقطن في دار ملاصقة للزاوية إلى أن توفي سنة ١٣١٢ ، فدفن في قبلية الزاوية على الطرف اليمين ، وعمر له ضريح فخيم يخاله الناظر إليه أنه أحد أكابر الأولياء أو من أعاظم العلماء. ومدح وقتئذ من بعض المنافقين