وكان رحمهالله محمدي الذات فالاسم ، صدّيقي الثبات والحزم ، فاروقي الهمة عثماني الحياء والحلم ، علوي الفضل والعلم. وكان لا يستطاع لهيبته عليه الرضوان ، أن يشرب بين يديه الدخان ، قائما من صغره على قدم الجد والاجتهاد في العبادات والرياضات والمجاهدات. وكان رحمهالله فصيح العبارة مليح الإشارة ، حسن النظم والنثر ، ومن نثره الشهي في الكلام على اسمه الفتاح ما نصه : هو الذي بعنايته يفتح كل مغلق ، وبهدايته يكشف كل مشكل ، فتارة يفتح الممالك لأنبيائه ، ويخرجها من أيدي أعدائه ، ويقول : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً)(١) وتارة يرفع الحجاب عن قلوب أوليائه ، ويفتح لهم الأبواب إلى ملكوت سماؤه وجمال كبريائه ، ويقول : (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها)(٢) ومن بيده مفاتيح الغيب ومفاتيح الرزق فبالحري أن يكون فتاحا ، وينبغي أن يتعطش العبد إلى أن يصير بحيث ينفتح بلسانه مغاليق المشكلات الإلهية ، وأن يتيسر بمعونته ما يتعسر على الخلق من الأمور الدينية والدنيوية ، ليكون له حظ من اسمه الفتاح. ا ه.
وكانت وفاته رحمهالله لخمس وعشرين من شهر المحرم سنة ١٢٦٧ ، ودفن بمقبرة سيدي كليب الطاهوي بجانب قبر أبيه الشهاب أحمد.
ورثاه تلميذه الشيخ مصطفى الأصيل بقصيدة في واحد وستين بيتا قال في مطلعها :
يا قوم بالصبر الجميل تدرعوا |
|
فاليوم أكباد الورع تتقطع |
اليوم هد من الشريعة ركنها |
|
وعفت معالمها وتلك الأربع |
اليوم غاب عن الحقيقة بدرها |
|
فظلامها من بعده لا يقشع |
اليوم زيل عن الطريقة فخرها |
|
فغدت وناديها قفار بلقع |
اليوم حل بديننا وبأهله |
|
خرق ليوم قيامة لا يرقع |
اليوم مات محمد بن محمد |
|
خير الورى من في الخليقة يشفع |
اليوم مات الهبرويّ محمد |
|
أستاذنا العلم الهمام الأورع |
بدر الهدى بحر المواهب والندى |
|
رب المعالي والإمام الأورع |
قطب الوجود مجدد العصر الذي |
|
آثاره كالشمس فينا تسطع |
__________________
(١) الفتح : ١.
(٢) فاطر : ٢.