وهو غير مستعمل ، وفيه من الأزهار المستنبتة زهر البنفسج وينبت بنفسه أيضا في زغوان وغيره من أماكن المياه الكثيرة ، وهكذا الورد والياسمين بأنواعهما والفل والقرنفل على أنواع شتى وغير ذلك من الزهور الطيبة الزكية ، بحيث تكون جبال هذا القطر وأوديته وبساتينه أيام الربيع وأواخر الشتاء وأوائل الصيف روضة نضرة بألوان النبات المخضرة به الأرض وأنواع الزهور والنور المختلف الأشكال والروائح.
ومما ينبت بنفسه القرنين الخارج من الخرشف الذي يقال أنه الجزر والسكوم ، وينبت فيه جميع النباتات من الكلأ البري ومن أحسنه لغذاء الحيوانات النجم وفي الجهات الشمالية آجام وغياض وغابات عظيمة غنية ، وأشهرها : غابة طبرقة ، يستخرج منها الأخشاب لبناء السفن والخفاف وأعواد السقوف من الطرفا وغيرها ، مع المتانة والدوام ، والعجب أنها مع كثرتها فتجارة الأخشاب المجلوبة من أوروبا رائجة في أغلب حواضر القطر ، ولتلك الغابات أشجار عظيمة جدا ، ذكر لي ثقة : «أنه رأى في غابة طبرقة شجرة من الزيتون أحاط بساقها ستة عشر رجلا ، كل منهم فاتح يديه للغاية ليمسك صاحبه». وأشجار تلك الغابات هي الذرو والصفصاف والبلوط والبندق والقسطل والزان والفرنان ، ومنه يستخرج الخفاف وقشره لدبغ الجلود ، وفيه تجارة رائجة وشجر النشم والدردار والعرعار وغيرها من غير ذات الثمر.
كما يوجد فيها ذات الثمر نحو الجوز ، ولأخشابه سوق نافعة كما لعروقه أيضا ، فإنهم يأخذون قشرها ويستعملونه للصبغ وغيره ، وأكثر هذا في جبل زغوان وكل تلك الأشجار والغابات نابتة بنفسها من غير حراسة إلا لحفظ طبرقة من جهة البحر ، لأن للحكومة معلوما على الخفاف وهي مختصة بأخشاب السفن ، كما لها معلوم على نوع من قشر الفرنان المستعمل للدبغ وبقية المنافع مكنوزة أو ضائعة.
ويستنبت في جميع جهات القطر شجرة الزيتون المباركة إلا في الجهة الضاربة للجنوب وكيفية غراسته على أنواع.
فمنها : أن يؤخذ قطعة من الفروع الغضة بأوراقها وفروعها فتغرس وتبقى الفروع ظاهرة ويسمى الشطبة وهو أردؤها.
ومنها : أن يقطع من فروع الشجرة ما بلغ ولم يجف ويقطع في طول ذراع ثم يحفر إليه عمق ذراعين في طولهما وعرضهما ، وتلقى تلك القطعة المسماة بالقنوط هناك ممتدة مع خلط التراب الذي تردم به بالسرقين وهو المسمى عندهم بالغبار.
ومنها : ما يؤخذ من قاعدة الشجرة الجافة عند بدو اللقاح منها ويقطع بآلة من حديد مكركبا ، حيث أن أصل خلقته في القاعدة كذلك إلى أن يبقى ماسكا للأصل