تنفرد بوزارة مثل غيرها من الأحوال ، فمن هاته وزارة الأحكام والبحر والمعارف والأشغال العامّة والديانة ، ويجعل لهؤلاء رئيس في الأغلب يكون هو أحدهم وتارة يكون منفردا ليرأسهم عند الاجتماع وينفذ ما يتوقف على جمعهم ، ورئيس المملكة ينتخب هذا الرئيس وهو يعين لصاحب المملكة بقية أقرانه فيوظفهم وليس له بعد ذلك إلا إمضاء تصرفاتهم أو تبديلهم إن وافقه القانون ، وما يراه من التصرف إنما يتصرف فيه بواسطتهم ثم يحتسب على الوزراء مجلسان.
أحدهما : مجلس الأعيان من الأمّة واختيار أعضائه بيد صاحب المملكة أو بواسطة وراثة تتوارثها بعض العائلات ، وقد تنتخب الأهالي بعض الأعضاء من بعض المملكة.
والثاني : مجلس النوّاب ، أي نوّاب الأمّة تنتخبهم الأهالي لمدة معلومة بغاية الحرّية في الإختيار على شروط في المنتخب والمنتخب تؤل إلى صفات تثبت حق الغيرة على الوطن ومعرفة مصالحه والأهلية لنصحه ، ومجموع المجلسين يصح أن يسمى مجلس الأمّة أو المملكة ، فإذا رأى هذا المجلس فسادا في تصرف أحد الوزراء أو مجموعهم وأصر المعترض عليه على رأيه لزمه الإستعفاء لأنه يتصرف على خلاف إرادة الأمّة ، وهنا يكون لصاحب المملكة الحق في قبول اعتراض المجلس وإبدال المعترض عليه أو يأذن الأمّة بانتخاب مجلس آخر بعد حله للأول ، فإن وقع إنتخاب الأمّة على أناس موافقين للمعترض عليه بقي الأمر على ما هو ، وإن انتخبوا أهل المجلس الأول أنفسهم أو غيرهم ممن يوافقهم في الرأي لم يبق لصاحب المملكة حينئذ إلا إبدال الوزراء المعترض عليهم وتوظيف غيرهم ممن يوافق رأي الأمّة ، هذا زيادة عما لهذا المجلس من حفظ جميع القوانين ومراعاة مصالح المملكة في المال والسياسة والأحكام وعقاب المذنبين من المتوظفين ولو من الوزراء ، غير أن مباشرة العمل ليست بيده وإنما هي لمن تعود إليه من وزير أو مجلس حكم أو صاحب المملكة فهذا هو أصل إدارتهم السياسية.
وأما أصل الإدارة الحكمية الشخصية فهي منفردة عن السياسة ولا تسلط للسياسة على الحكام الشخصيين ، وهم يوظفون لمدّة حياتهم أو انتقال لدرجة أعلى ، وتصرفهم مناط بمجالس متعددة الأعضاء ووراءها مجالس أخر لرفع المحكوم عليه لشكواه من المجلس الحاكم إليها ، ووراء ذلك احتساب مجلس الأمّة.
والأحكام يستندون فيها القوانين مرتبة برضاء مجلس الأمّة وتكون الأحكام علنية إلى غير ذلك من الأوجه المقرّبة لبحت الانصاف ودفع الظلم ، فهاته هي الأصول المعمول بها ، وتختلف فروعها بحسب الممالك وعادتها فليس قانون الأحكام متحدا في جميع الممالك بل إنما يتحد الجميع على أصل الجنايات كالقتل مثلا هو ممنوع في الجميع ومرتكبه يعاقب في الجميع وإن اختلف عقابه بحسب العادات ، كما أن من الأحوال المتفق عليها أن يكون قسما مما تدفعه الأهالي إلى دولتهم يصرف في تحسين المملكة ورونقها وإصلاحها كمد