العلوم غواصا ، محقّقا لدينه حرّاصا ، موصوفا بالشجاعة والرماية ، والكرم الذي لا يضاهيه فيه غيره والخماية ، ولشدة بأسه هجم على بني مطهر حال مقاتلتهم مع الدواير ، فدهمهم بالهجوم إلى أن فرّقهم يمينا وشمالا في القول الناير ، وصار يشتمهم شتما كثيرا ، ولم يرد قتلهم بل قصد بضربه خيلهم فقتل منهم كثيرا ، ولو رام قتل رجالهم لقتلهم عن آخرهم شهيرا ، وما ذلك إلا من شدة الرماية ، وقوّة الشجاعة والحماية ، وكان قايدا على الدواير ونال علامة الافتخار الفضية ، وله فهم دقيق في العلوم والأقوال المحكية ، فلقد حدّثني عنه شيخنا العلامة الصمداني ، الدراكة الرباني ، الحسني السيدي محمد بن يوسف الزياني ، أنّ هذا المرحوم سأل بمحضره العلامة الرباني الشيخ السيد الحاج بن عبد الرحمن البوشيخي الشقراني ، عن قوله صلىاللهعليهوسلم أكرموا عمّتكم النخلة هل هذا الحديث صحيح أو باطل ، وعلى صحته فما وجه تسميتها بالعمة في أكرم الأقاول ، فأجابه الشيخ بأنه لم يسمع بهذا الحديث إلّا منه في هذه الساعة / وأنه في فهم معناه لقليل البضاعة ، فسأل شيخنا من شيخه الإذن في الجواب ، فأذن له فقال له شيخنا إن الحديث صحيح مذكور في غير ما كتاب ، وقال صاحب المزيدة فيه النخل هو شجر البلح وهي أول شجرة استقرت على وجه الأرض ، وأنها شجرة مباركة توجد في كل مكان في النفل والفرض ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم أكرموا عمّتكم النخلة ، وإنما سميت عمّتنا في واضح القولة ، لأنها خلقت من فضلة طينة آدم عليهالسلام ولأنها تشبه الإنسان بالاحتكام ، من حيث استقام قدّها وطولها بالإثبات ، وامتياز ذكرها من بين النبات ، واختصاصها باللقاح ، ورائحة طلعها كرائحة المني بالإنشراح ، ولطلعها غلاف ، كالبشّمة (كذا) التي يكون فيها الولد للاغتلاف ، ولو قطع رأسها لماتت ، ولو أصاب جمارها أفاة (كذا) لهلكت وفاتت ، وأنّ الجمار من النخل كالمخ من الإنسان ، وعليها الليف كشعر الإنسان ، وإذا تقارنت ذكورها بين أناثها ألقحتها بالريح لاشتراقه ، وربما قطع آلفها من الذكور فلا تحمل بفراقه ، وإذا دام شربها للماء العذب تغيّرت وإذا سقيت المالح وطرح الملح في أصولها حسن ثمرها وتحررت ، ويعرض لها أمراض مثل الإنسان ، منها الغم والعشق ومنع الحمل وسقوط الثمر بعد الحمل كما ذلك في الإنسان ، فأخذ السائل يد شيخنا وقبّلها ، وشرّفها في التقبيل