فطرح منه عليه فعاد ذهبا. وتركه في بيت مقفل. وكتب لنور الدين ملك دمشق يعلمه به وينبّهه على بناء مارستان للمرضى الغرباء ويوقف عليه الأوقاف ويبني (ص ٨٠) الزوايا بالطرق ويرضي أرباب النحاس ويعطي لصاحب البيت الكفاية. / وقال في آخر الكتاب إن كان إبراهيم بن أدهم خرج عن ملك خراسان فأنا خرجت عن ملك المغرب وعن هذه الصنعة. وقبره بكرك نوح من بقاع العزيز ببيروت وعليه زاوية يطعم بها الوارد والصادر ووقّف عليه صلاح الدين وقيل نور الدين الأوقاف. وقال اليافعي في تاريخه أن القضية وقعت لابنه المنصور كما ستراه إن شاء الله تعالى (ذا).
ثم ملكها بعده ابنه يعقوب المنصور ، وكان شهما شجاعا محبا للعلماء معظّما لهم مشاركا في كثير من الفنون. وأول ما فعله أخرج مائة ألف دينار ذهبا من بيت المال وفرقها على الضعفاء ، وكتب بتسريح المساجين ورد المظالم وإكرام العلماء والصلحاء ورجوع الأحكام للقضاة وإجراء الإنفاق على أهل الفضل والصلحاء والعلماء وتفريق الأموال على الأجناد وتشحيم الثغور بالخيل والأبطال وغزى إفريقية سنة اثنين وثمانين من السادس (١) فدوّخ وسبا إلى أن أذعنوا له ونقل عربها لمراكش وجاز جوازه الأول لغزو الأندلس سنة ثلاث وثمانين منه (٢) فقتل وخرّب لأشبونة وانصرف للعدوة بسبي كثير ما بين النساء والصبيان. ثم ارتحل للأندلس لغزوة الأراك المشهورة سنة إحدى وتسعين منه (٣) فأجاز العرب أولا ثم زناتة ثم المصامدة ثم غمارة ثم الموحدين ثم المطاوعة ثم الرماة ثم العبيد ثم هو في أثرهم ومعه العلماء والصلحاء وأهل النجدة والزعامة. فحل بالخضراء وزاد (ص ٨١) إلى أن بقي بينه وبين الأرك مرحلتان / قدّم على جيشه أبا عبد الله بن صناديد وحصل المصافّ بالأرك فقسم جيشه على نصفين : نصفه في مقابلة العدو ، ونصفه كمينا. واشتدّ القتال ودارت نار الحرب فوقع النصر له وأثخن في العدو
__________________
(١) الموافق ١١٨٦ ـ ١١٨٧ م.
(٢) الموافق ١١٨٧ ـ ١١٨٨ م.
(٣) الموافق ١١٩٤ ـ ١١٩٥ م.