فلا دلالة لها على المفهوم ، وكذا إن كانت قيداً للموضوع ، بل إنّها تدلّ على المفهوم إن كانت قيداً للنسبة الحكمية ، فإنّها حينئذٍ تصبح كالشرط ، ببيان : أن مقتضى الإطلاق الذي ذكر في مبحث الشرط هو انحصار سنخ الحكم بشخص الحكم المنشأ ، ثمّ حدّدت النسبة الحكمية بحدٍّ ، وهذا هو الدلالة على المفهوم. فلو قال : أكرم زيداً إلى الليل ، كان ظاهراً في الانحصار بشخص هذا الحكم ، ولما قيّدت هذه النسبة الحكمية «إلى الليل» دلّ الكلام على انتفاء وجوب الإكرام بانتفاء النهار ودخول الليل. فكلام المحقق العراقي ناظر إلى مقام الإثبات.
والرّابع : ما ذكره المحقق الخوئي في (المحاضرات) (١) من أن الغاية إن كانت قيداً للموضوع رجع دلالتها على المفهوم إلى دلالة الوصف عليه ، لأن المراد من الوصف هو الأعمّ من الوصف الاصطلاحي والحال والتمييز وما شاكل ذلك ، فيكون التقييد بالغاية من صغريات التقييد بالوصف.
وإن كانت قيداً للحكم ، فالكلام تارةً : في مقام الثبوت ، واخرى : في مقام الإثبات.
أمّا في المقام الأوّل : فلا شبهة في الدلالة على الانتفاء عند تحقق الغاية ، بل لا يبعد أن يقال بأن دلالتها على المفهوم أقوى من الشرط ، ضرورة أنه لو لا دلالته على ذلك يلزم أن لا يكون ما فرض غايةً غايةً. وهذا خلف.
وأمّا في المقام الثاني : فالظاهر أنّ الغاية قيد للفعل وهو المتعلّق دون الموضوع كسائر القيود. وأمّا رجوعه إلى الموضوع ، فيحتاج إلى قرينة كما في الآية (فَاغْسِلُوا ...) ، إذ أنّ (إِلَى الْمَرافِقِ) قيد للموضوع وهو اليد لا للمتعلّق وهو الغسل ، وكذا الأمر في (إِلَى الْكَعْبَيْنِ) (٢) فإنه غاية لتحديد الممسوح. هذا كلّه
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ٤ / ٢٨٢ ـ ٢٨٣.
(٢) سورة المائدة : الآية ٦.