واحد » (١).
وهذه الآية مضافاً إلى كونها دالّة على وجود مركز أو مراكز علميّة في زمن النبيّ يسافر إليها الأفراد ليتلقّوا فيها العلوم والمعارف اللازمة ؛ تدلّ على وجوب هذا الأمر وجوباً كفائيّاً ، ولقد استمرّ وجود هذه المراكز والحوزات العلميّة في زمن الأئمّة عليهمالسلام وفي زمن الإمام الصادق خاصّة.
فقد روى أحمد بن محمّد بن عيسى وقال : خرجت إلى الكوفة في طلب الحديث فلقيت بها الحسن بن عليّ الوشا ، فسألته أن يخرج لي كتاب العلا بن رزين وأبان بن عثمان ، فأخرجهما إليّ فقلت له : أحبّ أن يجيزهما لي فقال : يرحمك الله وما عجلتك ، اذهب فاكتبهما واسمع من بعد ذلك ، فقال : لا آمن الحدثان ، فقال : لو علمت هذا الحديث يكون له هذا الطلب لاستكثرت منه فإنّي أدركت في هذا المسجد ( بالكوفة ) تسعمائة شيخ كلّ يقول حدّثني جعفر ( أي الإمام الصادق عليهالسلام ) (٢).
وبالتالي فإنّ ما يدلّ على اهتمام الدين الإسلاميّ بانتشار العلوم والأخذ بالمعارف المتنوّعة هو ازدهار العلوم المختلفة بين المسلمين ونبوغهم المطّرد والبارز في شتّى مجالات المعرفة ، وتنوّع الكتب والمصنفات التي خلّفها المسلمون وصنّفها علماؤهم وكتّابهم ، وكانت أساساً لكثير من العلوم الحديثة.
يبقى أن نعرف أنّ الإسلام لا يطرح صيغة خاصّة لمنهج التعليم ، وقد سبق أن قلنا : إنّ خاتمية الدين الإسلاميّ تقتضي أن يبيّن الإسلام الجوهر واللب ، وأمّا الصور والأشكال فمتروكة للأجيال والعصور ، ومقتضياتها فلا مانع من أن يستفيد المسلمون من أي منهج تعليميّ ، وأن يستخدموا أي جهاز يضمن تعميم العلم كالتلفزيون والمذياع شريطة الحفاظ على خلق المجتمع ، وقيمه الإسلاميّة العليا. فإنّ الإسلام يخالف كلّ علم يتنافى مع سعادة البشر ويهدّد استقراره.
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٢٣٨.
(٢) رجال النجاشيّ : ٢٨ وتنقيح المقال للمامقانيّ ١ : ٢٩٤.