بالاستصحاب. لا يقال : الرضا ليس من المجعولات الشرعيّة كي يجري فيه الاستصحاب. لأن الوجوب ـ كغيره من الأحكام التكليفيّة ـ إنما يكون موضوعاً للعمل في نظر العقل بمناط حكايته عن إرادة المولى ، فكلّ ما بالعرض ينتهي إلى ما بالذات ، وهذا روح الحكم في نظر العقل.
وثانياً : إنه مع بقاء الرضا السابق يتمّ الجواز العقلي.
وثالثاً : إنه يكفي في إثبات الاستحباب استصحاب نفس الإرادة النفسانيّة.
وبناءً على ما ذكر ، فإنه مع بساطة الوجوب يكون رضا المولى متحقّقاً ، فإذا نسخ الوجوب استصحب الرضا ، ويترتّب عليه الأثر ، وهو حكم العقل بلزوم العمل اتّباعاً لإرادة المولى ورضاه ، ويفتى بالاستحباب.
أقول :
العمدة في هذه النظريّة ، هي أنه قد أجرى الاستصحاب في الإرادة التي هي منشأ الوجوب ، فأثبت بها موضوع حكم العقل ، بخلاف المحقق العراقي ، حيث أجراه في نفس الوجوب وجعله بمعنى الإرادة ، فلا يرد على هذه النظريّة ما ورد على المحقّق المذكور.
لكنّ التأمّل فيها هو : أنّ الوجوب ـ على كلّ حالٍ ـ إمّا بسيط وامّا مركّب ، وظاهر الكلام أوفق بالثّاني ، فإن أراد التركيب الانضمامي بأنْ يكون الوجوب مركّباً بالانضمام من الرضا بالفعل مع المنع من الترك ، فقد عرفت تماميّة الاستصحاب بناءً عليه ، وإن أراد الاتحادي ، فقد عرفت ما فيه. وأمّا على القول بالبساطة ، فما هو المراد من قوله «الرضا بالفعل الثابت حال وجوبه»؟ الظاهر أن «الرضا» حالة نفسانيّة خارجة عن الوجوب لازمة له ، فإذا زال الوجوب زال الرّضا بتبعه ، فلا يبقى شيء لكي يستصحب.
وهذا تمام الكلام في النسخ.