أمّا الظهور العرفي فبأنْ يفهم العرف من القضيّة أن الموضوع قد اخذ مفروض الوجود، كما في (أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) حيث يفهم أن العقد موضوع للحكم الذي رتّبه الشارع على فرض وجوده ، وهو وجوب الوفاء به ، لا أنه قد ترتّب الحكم على موضوع يجب على المكلّف تحصيله.
وأمّا الحكم العقلي ، فهو حيث يكون القيد المأخوذ في الواجب غير اختياري ، وبما أنه لا يعقل تعلّق التكليف بغير المقدور ، فلا محالة يكون مأخوذاً على نحو مفروض الوجود.
ففي الموردين المذكورين يوجد الملاك لأخذ الموضوع مفروض الوجود.
وأمّا فيما عداهما ، فلا دليل على أن التكليف لا يكون فعليّاً إلاّ بعد فرض وجود الموضوع ، ولذا قلنا بفعليّة الأحكام التحريمية قبل وجود موضوعاتها ، بمجرّد تمكّن العبد على الإيجاد ، كالتحريم الوارد على شرب الخمر ، فإنه فعلي وإنْ لم يوجد الخمر خارجاً ، إنْ كان المكلّف قادراً على إيجاده بإيجاد مقدماته ، ولذا يتوجّه التكليف عليه ، بخلاف الزوال في «صلّ صلاة الظهر» مثلاً ، فإن المكلّف لا يتمكّن من إيجاده ولا بالشروع بمقدّماته.
(قال) : وما نحن فيه من القسم الثالث الذي لا دليل على ضرورة فرض الموضوع ، لأنّه لا ربط للعرف بهذه الناحية ، ولا ملزم من العقل بذلك ، فإنّ الأمر الذي كان متعلّقاً للداعي يحصل بمجرّد إنشاء المولى تكليفه ، وإذا حصل أمكن الامتثال بداعيه ولا حاجة بعد ذلك إلى أخذه مفروض الوجود ، وعليه ، فالمكلَّف حين الامتثال يجد أمراً موجوداً قد حصل من إنشاء التكليف ، فيأتي بالفعل بداعي ذلك الأمر ، ولا داعي إلى فرض وجود الأمر حين الإنشاء ، كما