إنما كان باعتبار الشارع ، فكان اعتبار الشارع واسطة في ثبوته ، وعليه ، فإن هذا المعتبر يكون عرضاً غريباً للخبر.
ثم إنّ المحقق الأصفهاني حاول توجيه كلام الشيخ ـ على فرض إرادة الثبوت التعبّدي ـ على المسلكين : إنشاء الحكم المماثل ، والمنجزيّة والمعذريّة ، أمّا على الأول : فبأنّ الحكم الذي يجعل من قبل الشارع على طبق الحكم الذي أتى به المخبر كقول زرارة : صلاة الجمعة واجبة ، له وجود حقيقي ، فالحكم وإنْ كان اعتبارياً ، إلاّ أن الوجوب الصادر طبق قول زرارة وجوب حقيقي للحكم الظاهري الذي أخبر به زرارة ، وهذا الوجود الحقيقي وجود تنزيلي للسنّة ، فالبحث عن ثبوت السنّة بخبر الواحد بحث عن الثبوت التنزيلي لها بخبر الواحد ، أي : هل السنّة تثبت تنزيلاً بالخبر أو لا؟
وأمّا على الثاني ، فإنّ المنجزيّة والمتنجزيّة متضايفتان ، فجعل الخبر منجزاً يلازم جعل السنّة متنجّزة ، فيصحّ البحث عن كلٍّ منهما ، بل الثبوت التعبّدي أكثر مساساً بالسنّة من التنجّز ، حيث أن اعتبار الثبوت هو اعتبار كون الخبر وجوداً للسنّة (١) ، والحاصل : إنّ المسألة تكون اصوليّة ، لأن البحث يقع عن أنه هل السنّة تصير متنجّزة بالخبر أو لا؟
لكن لا يخفى أنّ ما ذكره طاب ثراه إخراجٌ لعناوين المسائل المطروحة في العلم عن ظواهرها ، وإرجاعٌ لها إلى قضايا ومعانٍ اخرى ، لأنّ موضوع العلم ـ كما هو مفروض ـ هو «السنّة» والمسألة هي : هل خبر الواحد حجة أو لا؟ فالحجيّة محمولة على الخبر ، وهو حاكٍ عن السنّة وليس بمصداقٍ لها ... ولو أنّا أردنا إرجاع صور القضايا في العلم إلى قضايا اخرى ، للزم خروج كثير
__________________
(١) نهاية الدراية ١ / ٣٧.