وصائد بحر ، وقانص
وحش وملاح سفينة ، وحادي إبل ، ومفازة رمل وسهلا وجبلا في أقل من ميل في ميل.
وذكر أنه صورت
للرشيد صورة الدنيا فما استحسن منها غير بلد أسيوط ، وذلك أن مساحته ثلاثون ألف
فدان في دست واحد ، لو قطرت قطرة فاضت على جميع جوانبه ، ويزرع فيه الكتان والقمح
والقرط وسائر أصناف الغلات فلا يكون على وجه الأرض بساط أعجب منه ، ويسايره من
جانبه الغربي جبل أبيض على صورة الطيلسان ، كأنه قرنان ، ويحف به من جانبه الشرقي
النيل ، كأنه جدول فضة ، لا يسمع فيه الكلام من شدة أصوات الطير.
وأجمع الناس أنه
ليس على وجه الدنيا بساط قرط فيه خيل موقوفة وخيام مضروبة ، ونتاج ، ومهارى ،
وسائمة ، وقهارمة ، إلا بمصر.
ذكر ما ورد في نيل مصر
وأما نيلها ، فروى
ابن لهيعة : أن معاوية بن أبي سفيان قال لكعب : أسألك بالله العظيم يا كعب ، هل
تجد لنيل مصر في كتاب الله خيرا؟ قال : إي والذي فلق البحر لموسى عليهالسلام! إني لأجد في كتاب الله عزوجل أن الله يوحى إليه عند جريه : إن الله يأمرك أن تجري كذا
وكذا ، فاجر على اسم الله ، ثم يوحى إليه عند انتهائه : إن الله يأمرك أن ترجع ،
فارجع راشدا.
وروى عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : " أربعة أنهار من الجنة سيحان وجيحان
والنيل والفرات".
ورى أن الله تعالى
خلق نيل مصر معادلا لأنهار الدنيا ومياهها ، فحين يبتدئ في الزيادة تنقص كلها
لمادته ، وحين ينقصى تمتلئ كلها.
وذكر أبو قبيل ،
أن نيل مصر في زيادته يفور كله من أوله إلى آخره. وقال ابن لهيعة : كان لنيل مصر
قطيعة على كور مصر ، مائة ألف وعشرين ألف رجل ، معهم المساحى ، والآلات سبعون ألفا
للصعيد ، وخمسون ألفا لأسفل الأرض لحفر الخلج وإقامة الجسور والقناطر وسد الترع ،
وقطع القضب والحلفاء ، وكل نبت مضر بالأرض.
وقال محفوظ بن
سليمان : إذا تم الماء ست عشرة ذراعا فقد وفى خراج مصر ، فإذا زاد بعد ذلك ذراعا
واحدة زاد في الخراج مائة ألف دينار لما يروى من الأعالي ، فإن زاد بعد ذلك ذراعا
أخرى نقص مائة ألف من الخراج ، لما يستجر من البطون.
وذكر ابن عفير ،
أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص : بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر
أمير المؤمنين إلى عمرو بن العاص. سلام عليك ؛ فإني أحمد إليك الله الذي لا إله
إلا هو ، أما بعد ،