الفصل الرابع عشر
مكوثنا في بغداد وسفرنا إلى البصرة
لو قابلنا مدينة بغداد بمدن أوروبا ، فانها ليست ذات شأن ، لكننا لو وضعناها مقابل مدن اسيا الصغرى ، فعندئذ تظهر مكانتها وتكبر قيمتها. ان ابنيتها وتحصيناتها هي أحقر بكثير من اصغر مدننا [في اوروبا] ، لكنها في نظر الفرس والاتراك درع عروشهم المتين ، ولذا تتصارع المملكتان عليها ، وتستوليان عليها بالتناوب ، فيعمدون إلى تقوية حصونها ويدافعون عنها بكل قواهم ، ومختصر القول ان المدينة ليست بتلك العظمة التي اشتهرت بها ...
ان اسيا الصغرى بصورة عامة ، وجميع الولايات الكبيرة الخاضعة للحكم العثماني ، تفتقر الى الجنود ، كما ان نسبة السكان هي في هبوط تدريجي ، بسبب الحرب مع «جمهورية» البندقية (١) اني شاهد عيان لما اكتبه ...
... تباع الخيول في بغداد باسعار بخسة نظرا لكثرتها ، ولذلك عرف بان شراءها هنا يعود بفائدة اكبر نظرا لرخص اثمانها ، عما في حلب. ويمكن بيعها من ثم في حلب ...
ذهبت لزيارة سراي الباشا (٢) ، انه بناء جميل جدا ، تتوفر فيه المياه ، وفيه حدائق غناء مليئة بالاشجار المثمرة ، ويحتفظ الباشا بأسد في حدائقه (٣) ، وله
__________________
(١) راجع الملحق رقم (٧)
(٢) كان والي بغداد انذاك اق محمد باشا (محمد باشا الابيض) ١٠٦٥ ـ ١٠٦٧ ه (١٦٥٤ ـ ١٦٥٦ م).
(٣) كانت الأسود كثيرة الوجود في العراق كما يظهر من الآثار الآشورية القديمة ، ويظهر انها كانت لا تزال في عهد سبستياني. وقد ذكرها رحالة اخرون امثال تافرنيه