أحد مريدي السيد الشريف سيدي علي بن ميمون المغربي.
قدم إلى حلب وجلس في مجلس التسليك فاجتمع عليه خلق كثير. ولما كانت سنة ست وعشرين وهي السنة التي ورد فيها أرسل شيخ الإسلام العارف بالله تعالى سيدي علوان الحموي إلى الزين عمر الشماع رسالة مبسوطة تشتمل على التنفير من الاجتماع به ، ومن جملة ما فيها : احذر وحذّر من فهمت منه قبول النصح. فأخذ في قراءتها على غير واحد ممن ورد إليه.
ثم كان توجهه إلى مكة والمجاورة بها.
فلما قدم إلى حلب في سنة ثمان وعشرين رأى أمر الشيخ علاء الدين في ازدياد وقد أقبل عليه خلق كثير ، قال : فأعرضت عن قراءة الرسالة المشار إليها واستمرت مهجورة إلى سنة إحدى وثلاثين ، فاختلج في سرّي غسلها ، وذلك لأني صممت على أني لا أقرؤها على أحد ونفر قلبي مما فيها من الألفاظ اليابسة التي لا ينبغي إطلاقها في حق متدين ، ورأيت أني إذا قرأتها ينفر قلبي من الرجل المذكور ويحصل لي غيظ عليه ، فكرهت ذلك ورأيت أن سلامة الباطن أسلم. ثم لما أردت غسلها خشيت أن يكون في ذلك بعض انتقاص لكاتبها لأنه ليس من الأدب غسل رسالته بغير إذنه ، ثم ترددت في ذلك إلى أن قوي العزم على غسلها ورأيت أنه أولى طلبا لسلامة الباطن وحراسته من إساءة الظن بالرجل المذكور ، فإن تحسين الظن أولى ، فغسلتها.
قال : ثم لما انسلخ العام المذكور ودخل هذا العام المبارك توجه الصوفي المذكور في أوله إلى حماة واجتمع بالشيخ علوان وأبدى له الاعتذار عن أشياء لا أتحقق تفاصيلها ، وجدد التوبة كما قيل ، فأذن حينئذ في الاجتماع به ومحا معنى ما كتبه في رسالته. قال :
فقد ظهر ولله الحمد أنا سبقناه إلى محوها حسا قبل محوه لها معنى ، في ذلك برهان ظاهر على أن من أخلص النية ألهم سلوك الطرق المرضية. انتهى كلامه منقولا من «عيون الأخبار» له.
ومما كتب به الشيخ علوان إلى الشيخ زين الدين مرة ثانية : ليكن على علمكم أن ذلك الرجل الصوفي ، يريد به صاحب الترجمة ، وقف علينا تائبا وفي المواصلة راغبا ، فحكمنا بالظاهر والله يتولى السرائر ، فإن رأيتم الاجتماع معه أو ضده فذاك إليكم ، وما