وحكى عن الفضيل
أنه قال : رأيت بسمرقند عشرة آلاف جوز بدرهم ، ورأيت الرجل يقول : نان نان ، حتى يموت ، ومرض الفضيل بن عياض فعاده سفيان بن عيينة
ويحيى بن سليم بن عيينة ، دخلنا على الفضيل بن عياض بالكوفة وهو مريض فقال : ما
جاء بكم والله لو لم تجيئوا كان أحبّ إلي ، ثم قال : نعم الشيء المرض لولا العبادة
؛ وقال فيض بن إسحاق : دخلت على الفضيل ابن عياض وعنده رجل قد سأله فألحّ عليه
فقلت : له : مه لا تؤذ الشيخ ، فقال الفضيل : مه يا فيض أما علمت أنّ حوائج الخلق
إليكم نعم الله عليكم ، فاحذروا أن تملوا النعم فتصير نقما ؛ وقيل لأبي حفص
البخاري : كيف لم تكثر عن الفضيل بن عياض؟ قال : كنت آتيه فأراه رجلا واسع العينين
واسع الفم كثير البكاء ، إذا أخذ في البكاء تخرج الدمعة من عينيه فتدخل فاه فكنت [١٨٠
أ] إذا نظرت إليه ترحمت عليه.
وقال : محمد بن
الفضيل بن عياض : رأيت أبي في المنام فقلت : يا أبه! ما صنع الله بك في الغمّ الذي
كنت فيه؟ قال : يا بنيّ! لم أر للعبد خيرا من ربه. وقال سعيد بن منصور للفضيل بن
عياض : حدثنا فإنك مأجور قال : في ماذا ، وإنّ هذا شيء تتطرقون به في المجالس.
وقال الفضيل : جمع
الخير كله في بيت واحد ، وجعل مفتاح الزهد في الدنيا ، وجمع الشرك كله في بيت واحد
وجعل مفتاحه الرغبة في الدنيا.
وقال الفضيل :
الزهد في كتاب الله تعالى في حرفين : (لِكَيْلا تَأْسَوْا
عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) ، وقال : لابنه : اطلب لي منزلا وليكن بعيدا من القراء ،
ما أنا ولقوم إن ظهروا مني على نعمة حسدوني ، وإن ظهروا على زلّة هتكوني.
وقال الفضيل : إن
كان عدوك يخاف شرك فما فيك خير ، فكيف وصديقك لا يأمن شرّك ؛ وقال : إن كنت تحبّ
أن تذكر فيما فيك فما فيك خير ، فكيف وأنت تحبّ أن تذكر فيما ليس فيك.
واجتمع أصحاب
الحديث على بابه فاطّلع عليهم من كوة وهو يبكي ولحيه ترجف فقال : عليكم بالقرآن ،
عليكم بالطواف ، عليكم بالعبادة ، ويحكم ليس هذا زمان الحديث ، إنما هذا زمان بكاء
وتضرع واستكانة ودعاء كدعاء الغريق ، إنّما هذا زمان احفظ لسانك ، واخف مكانك ،
وعالج
__________________