محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا (١) ، نا إبراهيم بن محمّد بن عرفة الأزدي ، نا عبد الله ابن أخت أبي الوزير ، عن أبي محمّد السامي (٢) ، قال : كنت غلاما في خلافة عمر بن عبد العزيز ، فلمّا أخذ عمر في ردّ المظالم غلظ ذلك على أهل بيته وعلى جميع قريش فكتب إليهم عبد الرّحمن بن الحكم :
فأبلغ هشاما والذين تجمعوا |
|
بدابق لا سلمتم آخر الدّهر |
ويروى :
فقل لهشام والذين تجمعوا |
|
بدابق موتوا لا سلمتم يد الدهر |
فأنتم أخذتم حتفكم بأكفّكم |
|
كباحثة عن مدية وهي لا تدري |
[عشية بايعتم إماما مخالفا |
|
له شجن بين المدينة والحجر](٣) |
فأجابه بعض ولد مروان عن هشام بن عبد الملك :
لئن كان ما تدعوا إليه هو الرّدى |
|
فما أنت فيه ذو غناء ولا وفر |
وأنت من الريش الذّنابي ولم تكن |
|
من الجزلة الأولى ولا وسط الظهر |
ونحن كفيناك الأمور كما كفى |
|
أبو نا أباك الأمر في سالف الدّهر |
قال القاضي : قال عبد الرّحمن بن الحكم في شعره هذا : «بدابق» فلم يصرفه في موضعين ، وفي صرفه وترك صرفه وجهان معروفان في كلام العرب ، والعرب تذكّره وتؤنثه فمن ذكّر صرفه كما قال الشاعر :
بدابق وأين مني دابق (٤)
ومن أنّثه لم يصرفه ، كما قال الآخر :
لقد خاب قوم قلّدوك أمورهم |
|
بدابق إذ قيل العدوّ قريب |
وقوله : «كباحثة عن حتفها وهي لا تدري» هذا مثل يضرب للذي يثير بجهله ما يؤديه إلى هلاكه أو الإضرار به ، وأصله : أن ناسا أخذوا شاة ليست لهم فأرادوا أكلها ، فلم يجدوا ما
__________________
(١) رواه المعافى بن زكريا في الجليس الصالح الكافي ٤ / ٩٢ ـ ٩٣ وسيرة عمر لابن عبد الحكم ص ١٢٦ ـ ١٢٧.
(٢) في الجليس الصالح الكافي : الشامي.
(٣) سقط البيت من الأصل ، واستدرك عن م ، و «ز» ، والجليس الصالح الكافي وسيرة عمر لابن عبد الحكم.
(٤) الأصل : بدابق ، والمثبت عن م ، و «ز» ، والجليس الصالح.