يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) وكان يرى الأموال تجبى إليه فيقول : جاءت القطار تحمل النار (١).
وعندما بنى معاوية قصر الخضراء بدمشق ، قال أبو ذر : يا معاوية إن كانت هذه من مال الله فهي الخيانة ، وإن كانت من مالك فهي الإسراف (٢).
وروى الجاحظ عن جلام بن جندل الغفاري ، قال : «كنت غلاما لمعاوية على قنسرين والعواصم ، في خلافة عثمان ، فجئت إليه يوما أسأله عن حال عملي ، إذ سمعت صارخا على باب داره يقول : أتتكم القطار تحمل النار! اللهم العن الآمرين بالمعروف ، التاركين له. اللهمّ العن الناهين عن المنكر المرتكبين له. فازبأر معاوية وتغيّر لونه وقال : يا جلام أتعرف الصارخ؟ فقلت : اللهمّ لا. قال : من عذيري من جندب بن جنادة! يأتينا كل يوم فيصرخ على باب قصرنا بما سمعت! ثم قال : أدخلوه عليّ ، فجيء بأبي ذر بين قوم يقودونه ، حتّى وقف بين يديه ، فقال له معاوية : يا عدوّ الله وعدو رسوله! تأتينا في كلّ يوم فتصنع ما تصنع! أما إنّي لو كنت قاتل رجل من أصحاب محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم من غير إذن أمير المؤمنين عثمان لقتلتك ، ولكني أستذأن فيك ... قال : ما أنا بعدو الله ولا لرسوله ، بل أنت وأبوك عدوان لله ولرسوله ، أظهرتما الإسلام وأبطنتما الكفر ، ولقد لعنك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يقول : «إذا ولي الأمة الأعين ، الواسع البلعوم ، الذي يأكل ولا يشبع ، فلتأخذ الأمة حذرها منه».
فقال معاوية : ما أنا ذا الرجل.
قال أبو ذر : بل أنت ذلك الرجل. أخبرني بذلك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ،
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي : ج ٢ ، ص ١٧٢ ، الغدير : ج ٨ ، ص ٤٧٠.
(٢) شرح نهج البلاغة : ج ٨ ، ص ٢٥٦.