أدّى إلى حدوث كوارث ضد بعض مناطق الشيعة الخاضعة له. فقد قام بعزل قضاة الشيعة من أماكن تواجدهم واستناب عنهم بقضاة شافعية ، وكان يحمل الناس على التسنن وعقيدة الأشعري ، وأعاد يوم قتل الإمام الحسين بن علي عليهالسلام عيدا يحتفل به أتباعه كما فعل بنو أمية سابقا ، وأبطل من الآذان «حيّ على خير العمل» ، وأباد المكتبات الشيعية في القاهرة والإسكندرية وحلب وغيرها ، يقول السيوطي : «وأخذ السلطان صلاح الدين في نصرة السنّة وإشاعة الحق وإهانة المبتدعة والانتقام من الروافض» (١). إلا أن هذه الإجراءات أخذت شكلا أقل وطأة في جبل عامل ، وذلك للعلاقة القوية بين حسام الدين بشارة العاملي والملك الأفضل علي بن صلاح الدين أبي الحسن الذي كان شيعي المذهب.
١٥ ـ وفاة صلاح الدين [٥٨٩ ه / ١١٩٣ م]
توفى صلاح الدين في سنة ٥٨٩ ه وبعيد وفاته دبّ الضعف في الدولة الأيوبية ، بسبب انشغال خلفائه بالصراعات على الحكم ، فقد ترك ملكا مترامي الأطراف يشمل مصر وبلاد الشام معا ، كما ترك عائلة كبيرة فيها الأبناء والأخوة وأبناء الأخوة والأعمام ، فصرف هؤلاء جهدهم للحصول على المكاسب والنزاع والتخاصم ، وكادت تؤدّي بإنجازات السنون الخوالي ، إلا أن وعي الحسام العاملي لما يجري ، دفعه لمحاولة الصلح بين ورثة صلاح الدين كما عبّر الذهبي. وكان صلاح الدين قد أعدّ ولده الملك الأفضل علي ليكون خليفة من بعده ، فماذا حدث؟
١٦ ـ علي بن صلاح الدين والتشيّع
هو الملك الأفضل علي بن يوسف بن أيوب ، أبو الحسن. كان
__________________
(١) حسن المحاضرة : ج ٢ ، ص ٢٨.