إن الربط بين رحيل
العبرانيين وهجرات القبائل العمورية ، يضعهما في النصف الأول من الألف الثاني قبل
الميلاد. ويرى كثيرون من العلماء أن إبراهيم عاش نحو القرن الثامن عشر قبل
الميلاد. وبناء على ذلك ، فإن نزول جماعات منهم إلى مصر ، حدث على الأغلب في إطار
توغل الهكسوس في الدلتا. وقصة يوسف ، إذا انطوت على حقيقة تاريخية ، فعلى الأغلب
أنها وقعت في أثناء حكم الهكسوس ، إذ ارتقى في بلاط ملوكهم إلى منصب رفيع. وعبودية
العبرانيين في مصر بدأت بعد طرد الهكسوس منها ، على اعتبار أنهم كانوا جزءا من
العناصر الغريبة المهزومة ، التي طردت من مصر ، بينما بقي العبرانيون فيها.
وخروجهم بقيادة موسى ، وقع بعد ذلك بفترة زمنية. وبحسب الرواية التوراتية طالت
العبودية مدة ٤٠٠ عام.
والرواية
التوراتية تؤكد أن العبرانيين كانوا جماعة سامية غربية ، بدأت رحلتها في جوار
مدينة أور في جنوب العراق ، ومنها إلى حرّان (حاران) في شمال بادية الشام ، التي
تفيد وثائق ماري ونوزي أنها كانت مستقرا لقبائل عمورية في بداية الألف الثاني قبل
الميلاد. وإذ استقر جزء منهم في حرّان ، تابع الباقون ، ومنهم إبراهيم وعائلته
وأقاربه ، الطريق إلى شرقي الأردن وفلسطين. وفي فلسطين تنقل إبراهيم وأبناؤه
وأتباعه بين النقب والمنطقة الجبلية الوسطى ، إلى حدود شيكم (نابلس). وفي هذه الأراضي
رعوا قطعانهم ، بعيدا عن المراكز الكنعانية الحضرية القوية ، وعن متناول يد
الحاميات المصرية.
وقصة إبراهيم
وأبنائه وأتباعهم في التوراة تشير إلى جماعة هامشية ، تعيش حياة قبلية شبه بدوية ،
يحكمها نظام اجتماعي أبوي ، وتعمل أساسا في رعي الغنم والماعز ، وتتنقل في المواسم
طلبا للماء والكلأ. وفقط إسحاق (يتسحاق) عمل بالزراعة الموسمية في النقب الشمالي ـ
الغربي. وهذه الجماعة كانت تضرب خيامها على أطراف المدن ، بموافقة حكامها ، وتحت
حمايتهم. وهذا الوصف التوراتي العام يتطابق إلى حد كبير مع المضمون الاجتماعي
لمصطلح عابيرو ، أو شاسو ، المعروف من مصادر أخرى ، والذي يرد في التوراة بصيغة
عبريم ، دلالة على طبقة اجتماعية بدوية رحالة ، ثمّ أصبح لاحقا يستعمل للدلالة على
بني إسرائيل فقط.
وإذا صحّ أن
العبرانيين هم العابيرو ، فإنهم يكوّنون جزءا من طبقة واسعة من سكان الهلال الخصيب
، تميّزت بحياة البداوة وعدم الاستقرار ، وتنقلت على أطراف الصحراء ، إذ لم تكن
الأعراف الاجتماعية والسياسية لسكان المدن تسري عليها. وعائلة إبراهيم بالذات
ارتبطت مع المدن الكنعانية ، وخصوصا حبرون (الخليل) وأورشليم وشيكم ، بعلاقات «جوار»
(جير ، بالعبرية) لفترة طويلة. وإطلاق الاسم