في تشرين الأول / أكتوبر. وكانت نابلس تحت سيطرة الثوار ، يتجولون فيها بأسلحتهم ، كما وقعت معارك شوارع في حيفا ويافا وغيرهما.
وبعد مغادرة المفتي إلى لبنان ، وغياب معظم قادة العمل الوطني ، في المنفى أو المعتقلات ، واجهت الثورة مشكلة حقيقية في وحدتها التنظيمية ومركزية قيادتها. إلّا إنها ، نتيجة موجة الحماسة الشعبية ، تغلبت على تلك المشكلة مرحليا ، باعتماد مبدأ المركزية السياسية ، أي وحدة الموقف السياسي الذي عبّر عنه المفتي ، واللامركزية التنظيمية ـ الميدانية ، إذ توزعت القيادة على هيئات متعددة. فالمفتي ، الذي أصبح القائد السياسي الأول للحركة الوطنية من دون منازع ، كان بحكم لجوئه في لبنان ، تحت نوع من الإقامة الجبرية ، التي فرضتها عليه سلطات الانتداب الفرنسي. لكنه ظل يتمتع بحرية الاجتماع بالأفراد في مقره. وبذلك أدار العمل السياسي عبر معاونين ، منهم : حسن أبو السعود ومنيف الحسيني وإسحاق درويش. وظل على اتصال دائم باللجنة في دمشق التي تولى رئاستها الفعلية عزة دروزة ، ومعه أكرم زعيتر ومعين الماضي. وعرفت هذه الهيئة بفرعيها ـ البيروتي والدمشقي ـ باسم اللجنة المركزية للجهاد الوطني في فلسطين. وتولت توجيه الثورة وإمدادها بالمال والسلاح ، وتجنيد المتطوعين ، والتنسيق بين تشكيلات الثورة المتعددة ، والاتصال بالقوى المساندة لها في الخارج.
أمّا القيادة الميدانية فقد برزت بصورة تلقائية من مجموعة القادة المحليين ، الذين فرضوا وجودهم في مناطقهم عبر نشاطهم في الثورة ، وكانوا كلهم من أبناء فلسطين ، وجلهم من الطبقات الشعبية الريفية. وبالتدريج ، قامت اللجنة المركزية للجهاد بتنظيم العلاقات بينهم ، وتقسيم مناطق نفوذهم. ومع تصاعد النضال ، تبلورت قيادة المناطق على أساس اللامركزية ، مع شكل من الارتباط مع القيادة في الخارج. وقسمت البلاد إلى مناطق ، لكل منها قيادتها ، كالتالي : ١) المنطقة الشمالية ، وتضم أقضية طبرية وصفد وعكا والناصرة ، وفيها عدد كبير من القادة المحليين ، برز بينهم خليل عيسى (أبو إبراهيم الكبير) ، وتوفيق إبراهيم (أبو إبراهيم الصغير) ؛ ٢) المنطقة الوسطى ، وفيها أربع قيادات رئيسية : (أ) جنين الغربية ، وفيها الشيخ عطية ويوسف أبو درّة ، (ب) جنين الشرقية ، وفيها محمد صالح العبد ، (ج) طولكرم ، ويقودها عبد الرحيم الحاج محمد (الذي عيّن لاحقا قائدا لعموم الثورة) ، (د) المنطقة الساحلية ، وفيها عارف عبد الرازق ؛ ٣) المنطقة الجنوبية ، وفيها ثلاث مناطق : (أ) اللد ، وفيها حسن سلامة ، (ب) الخليل ، وفيها عيسى البطاط ، ثم خلفه عبد الحليم الجولاني ، (ج) القدس ، وفيها عبد القادر الحسيني. ولم تتشكل