ورفض لوقف الهجرة اليهودية. واتبع وزير المستعمرات خطابه بمنح الوكالة اليهودية ١٨٠٠ تصريح هجرة لنصف السنة التالية. وإذ قاطعت اللجنة العربية أعمال لجنة بيل ، على الرغم من التباين في وجهات النظر داخلها ، إذ رأى البعض (النشاشيبي) ضرورة التعاطي الإيجابي مع اللجنة الملكية ، فإن هذه الأخيرة باشرت عملها (١٦ تشرين الثاني / نوفمبر ١٩٣٦ م) بالاستماع إلى شهادات موظفي الحكومة أولا ، ومن ثمّ قيادة الوكالة اليهودية.
وكان قرار مقاطعة لجنة بيل سببا في الشقاق داخل اللجنة العربية العليا. وعبّر أنصار راغب النشاشيبي صراحة عن معارضتهم القرار ، كما أعلن الأمير عبد الله أنه ينوي المثول أمام لجنة بيل ، وكذلك فعل حسن صدقي الدجاني ، وبذلك ضعف الموقف العربي ، وفتح الباب أمام الوساطة العربية ، وسافر وفد لمقابلة ملكي السعودية والعراق ، وعاد يحمل كتابا منهما ، جاء فيه : «... وبالنظر لما لنا من الثقة بحسن نية الحكومة البريطانية في إنصاف العرب ، فقد رأينا أن المصلحة تقضي بالاتصال باللجنة الملكية.» وعقدت اللجنة العربية (٦ كانون الثاني / يناير ١٩٣٧ م) اجتماعا ، قررت فيه التجاوب مع كتاب الملكين ، فاجتمعت باللجنة الملكية خلال الأيام الخمسة الأخيرة من إقامتها في البلد.
وعرض رئيس اللجنة العربية العليا ، الحاج أمين الحسيني ، أمام لجنة بيل ، أسباب الاضطرابات التي يمكن تلخيصها بالتالي : ١) حرمان العرب في فلسطين من التمتع بحقوقهم الطبيعية والسياسية ؛ ٢) إصرار الحكومة البريطانية على اتباع سياسة ترمي إلى إنشاء وطن قومي يهودي في هذه البلاد العربية. وحدد المطالب العربية بما يلي : ١) العدول عن تجربة الوطن القومي اليهودي الفاشلة ، التي نشأت عن وعد بلفور ، وإعادة النظر في جميع النتائج التي نجمت عنها ، والتي ألحقت الأضرار والأخطار بكيان العرب وحقوقهم ؛ ٢) إيقاف الهجرة اليهودية إيقافا تاما وفوريا ؛ ٣) منع انتقال الأراضي العربية إلى اليهود منعا باتا وفوريا ؛ ٤) حل قضية فلسطين على الأسس التي حلت بها قضايا العراق وسورية ولبنان ، بإنهاء عهد الانتداب ، وعقد معاهدة بين بريطانيا وفلسطين ، تقوم بموجبها حكومة مستقلة وطنية ، ذات حكم دستوري ، تتمثل فيه جميع العناصر الوطنية ، ويضمن للجميع العدل والتقدم والرفاه. كما أدلى آخرون بشهاداتهم ، ومنهم عوني عبد الهادي ، الذي قبل بالمستوطنين لاعتبارات إنسانية.
وبرز بين موظفي حكومة الانتداب في ولائه للمشروع الصهيوني ضابط التطوير ، لويس أندروز ، الذي نفى أن يكون للاستيطان أثر سلبي على الفلاحين