لإنشاء «الوطن القومي اليهودي» فيها ، من جهة ، ولتوجيه نشاط المؤسسات الصهيونية نحو هذه الغاية ، وبالسرعة القصوى ، من جهة أخرى. لكن هذا النشاط المشترك ، بين حكومة بريطانيا والمنظمة الصهيونية ، اصطدم بالمقاومة العربية التي راحت تتصاعد ضده.
وكانت لجنة المندوبين الصهيونية برئاسة حاييم وايزمن. واعتذر براندايس عن المشاركة فيها ، تحاشيا للإحراج ، لأن الولايات المتحدة لم تعلن الحرب على تركيا. وعينت حكومة لندن أورمسبي ـ غور ، ضابط ارتباط بين اللجنة والإدارة العسكرية في فلسطين ، كونه ضابطا في الجيش البريطاني معروفا بميوله الصهيونية. وفي الطريق عرجت اللجنة على القاهرة ، حيث التقت عددا من قيادات العمل القومي العربي ، وحاولت تهدئة مخاوفهم من الأهداف الصهيونية. ومن مصر توجهت إلى فلسطين ، وراحت تتصرف ، بناء على التفويض من حكومة لندن ، كحلقة اتصال بين الإدارة العسكرية والمستوطنين الصهيونيين ، وكمرشد لتلك الإدارة بشأن ما يتوجب عمله للتسريع في تجسيد وعد بلفور. وبموازة الإدارة العسكرية ، شكلت اللجنة دوائر متعددة لشؤون السياسة والدعاية والزراعة والاستيطان والهجرة والإحصاء والتجارة والعمل والمال. وبذلك أصبحت في الواقع سلطة موازية للإدارة العسكرية ، بل ومتناقضة معها. وكان على رأسها في البداية حاييم وايزمن ، ثم خلفه الدكتور إيدار ،
ومن بعده مناحم أوسشكين.
وبادر وايزمن ، يرافقه غور ، إلى زيارة فيصل في العقبة ، ومعه لورنس في أيار / مايو ١٩١٨ م ، لطمأنته من المشروع الصهيوني في فلسطين. وتدّعي المصادر الصهيونية أن فيصل لم يعترض على ذلك ، شريطة صيانة حقوق شعبها والحفاظ على عروبتها. وبعد ذلك ، واستنادا إلى التفويض الذي تحمله من حكومة بريطانيا ، راحت لجنة المندوبين الصهيونية تتصرف كأنها «حكومة في طور التكوين». وفي ١٨ كانون الأول / ديسمبر ١٩١٨ م ، عقدت مؤتمر يافا للمستوطنين ، بعد أن وضعت يدها على مكتب فلسطين ، الذي أسس سنة ١٩٠٨ م. وفي المؤتمر ، جرى تشكيل جمعية تأسيسية. وحمل وايزمن معه مطالب المستوطنين ، كما عبّرت عنها هذه الجمعية إلى مؤتمر باريس للسلام ، ومنها :
أ ـ الاعتراف بفلسطين وطنا قوميا يهوديا.
ب ـ منح الشعب اليهودي بأسره صوتا حاسما وفعالا في تقرير شؤون البلد.
ج ـ الإصرار على وصاية بريطانيا وحمايتها.
د ـ ضرورة إنشاء جمعية للاستعمار اليهودي تحظى باعتراف عصبة الأمم