ابن زنكي إذ ذاك يحاصر حارم وهي في يد الفرنج ، فقال مجد الدين بن الداية : كنت أشتهي من الله أن يأخذ نور الدين حارم ويعطيني إياها ، وقال صلاح الدين : كنت أنا أشتهي مصر ، ثم قالا لي : تمن أنت شيئا ، فقلت : إذا كان مجد الدين صاحب حارم وصلاح الدين صاحب مصر ما أضيع بينكما ، فقالا : لابد أن تتمنى ، فقلت : إذا كان ولابد فأريد (عمّ) ، فقدر الله أن نور الدين كسر الفرنج وفتح حارم وأعطاها مجد الدين وأعطاني (عمّ) ، فقال صلاح الدين : أخذت أنا مصر فإننا كنا ثلاثة وقد بقيت أمنيتي فقدر الله تعالى أن فتح أسد الدين مصر ، ثم آل الأمر إلي أن ملكها صلاح الدين وهذا من غرائب الاتفاقات ا ه.
ولما عدد ابن شداد المساجد التي بالحاضر السليماني قال : مسجد الأمير سيف الدين ابن علم الدين. قال : ومسجد أنشأه المذكور أيضا انتهى. فالحاصل أن له مسجدين أحدهما كان إلى جانب هذه المدرسة وقد اندثر وبقي محرابه ، والثاني هو الذي تقام الآن فيه الجمعة المعروف بجامع السلطان المذكور في الجوامع انتهى.
وهذه المدرسة عظيمة كثيرة البيوت للفقهاء ، ولها منارة محكمة ، وكان بها بركة ماء وقد صارت الآن في الخراب لا مدرس ولا باب ، وربما سد بابها في بعض الأحيان لخلو البقعة من السكان ، وكانت أولا قائمة الشعار. وأول من درس بها عز الدين محمد بن أبي الكرم بن عبد الرحمن السنجاري ، انتقل إلى حلب سنة ثمان وتسعين وخمسماية فتولى تدريس المدرسة المذكورة ، ثم خرج منها إلى دمشق وأقام إلى أن توفي سنة ست وأربعين بعد أن تولى نيابة الحكم بها سنة سبع عشرة ، فوليها (أي المدرسة) بعد خروجه شرف الدين أبو بكر بن أبي بكر الرازي ، ولم يزل مدرسا بها إلى أن توفي سنة ست وعشرين وستماية ، فوليها بعده نجم الدين أحمد بن شمس الدين محمد بن يوسف وتقدم ذكره ، ولم يزل بها مدرسا إلى أن مات قريبا من فتنة التتر.
وفي الدر المنتخب : (المدرسة السيفية) : أنشأها الأمير سيف الدين علي بن علم الدين سليمان بن جندر ، انتهت سنة سبع عشرة وستماية مشتركة بين الشافعية والحنفية وهي خراب داثر ا ه.
وقال أبو ذر في كنوز الذهب في كلامه على الجوامع : الجامع الذي بالحاضر السليماني