سواها ، وضبط اسمها بفتح الهمزة وسكون اللام وآخره وتاء مثناه ، وهي صغيرة حسنة نزلنا خارجا على بركة ماء قد جمدت من البرد فكان الصبيان يلعبون فوقها ويزلقون عليها.
وسمع بقدومي قاضي ألكات ، ويسمى صدر الشريعة وكنت قد لقيته بدار قاضي خوارزم فجاء إلي مسلّما مع الطلبة ، وشيخ المدينة الصالح العابد محمود الخيوقي (٢٤) ، ثم عرض عليّ القاضي الوصول إلى أمير تلك المدينة ، فقال له الشيخ محمود : القادم ينبغي له أن يزار (٢٥). وان كانت لنا همة نذهب إلى أمير المدينة وناتي به ففعلوا ذلك ، وأتى الأمير بعد ساعة في أصحابه وخدامه فسلّمنا عليه ، وكان غرضنا تعجيل السفر ، فطلب منا الإقامة ، وصنع دعوة جمع لها الفقهاء ووجوه العساكر وسواهم ووقف الشعراء يمدحونه ، وأعطاني كسوة وفرسا جيدا ، وسرنا على الطريق المعروفة بسيبايه (٢٦) وفي تلك الصحراء مسيرة ست دون ماء.
ووصلنا بعد ذلك إلى بلدة وبكنة (٢٧) ، وضبط اسمها بفتح الواو واسكان الباء الموحدة وكاف ونون ، وهي على مسيرة يوم واحد من بخارى بلدة حسنة ذات أنهار وبساتين وهم يدّخرون العنب من سنة إلى سنة ، وعندهم فاكهة يسمونها العلوّ (٢٨) بالعين المهملة وتشديد اللام ، فييبّسونه ويجلبه الناس إلى الهند والصين ، ويجعل عليه الماء ويشرب ماؤه ، وهو أيام
__________________
(٢٤) الخيوقي : نسبة إلى خيوة (khiva) ، وتقع على الضفة الشمالية لنهر جيحون على قناة تستمد ماءها من النهر ... ولم تحدد بالضبط وظيفة الشيخ في المدينة المذكورة ...
(٢٥) شاعت هذه القولة بين الناس ويقول بعضهم في مقابلها : إن القادم هو الذي عليه أن يزور الآخرين ، والظاهر أن القولة تتحكم فيها ظروف الزائر والمزور ، ولله در الامام الشافعي عندما قال عن أحمد بن حنبل :
قالوا : يزورك أحمد أو تزوره؟ |
|
قلت : المكارم لا تزايل منزله |
إن زارني فبفضله أو زرته فلفضله |
|
والفضل في الحالين له!! |
ـ د. التازي : التاريخ الدبلوماسي للمغرب ج ١ ، ص ١٩٣.
(٢٦) سيبايه : لم نقف على هذا الاسم في جهة أخرى. ابن فضلان سافر من بخارى إلى الكات على متن المركب نازلا في نهر جيحون ، اما ابن بطوطة فقد كان عليه أن يقطع الفيفاء الواقعة شرقي النهر وقد أورد ياقوت اسم قرية تحمل اسم سباري من قرى بخارى يقال لها سبيرى ايضا.
(٢٧) وبكنة هي حاليا (wabkand) بضاحية على بعد ٤٠ ك. م شمال شرقيّها ... وما تزال إلى الآن محتفظة بمأذنتها الأنيقة التي ترجع لأواخر القرن السادس الهجري ـ الثاني عشر الميلادي.
ـ كتاب آثار الاسلام التاريخية في الروسيا ص ٦.
(٢٨) العلوّ : بالفارسية (alu) البرقوق ، وقد اكتسب البرقوق الاصفر لبخارى شهرة كبيرة.