بعدا لإيوان كسرى إنّ مشورك السّ |
|
امي لأعظم من تلك الأواوين |
ودع دمشق ومغناها فقصرك ذا |
|
«أشهى إلى القلب من أبواب جيرون» |
ومنها في التعريض بالوزير الذي كان انصرافه من المغرب لأجله (١) :
من مبلغ عنّي الصّحب الألى جهلوا |
|
ودّي وضاع حماهم إذ أضاعوني |
أني أويت من العليا إلى حرم |
|
كادت مغانيه بالبشرى تحيّيني |
وإنني ظاعن لم ألق بعدهم |
|
دهرا أشاكي ولا خصما يشاكيني |
لا كالتي أخفرت عهدي ليالي إذ |
|
أقلّب الطّرف بين الخوف والهون |
سقيا ورعيا لأيامي التي ظفرت |
|
يداي منها بحظّ غير مغبون |
أرتاد منها مليّا لا يماطلني |
|
وعدا وأرجو كريما لا يعنّيني (٢) |
وهاك منها قواف طيّها حكم |
|
مثل الأزاهر في طيّ الرياحين |
تلوح إن جليت درّا ، وإن تليت |
|
تثني عليك بأنفاس البساتين |
عانيت منها بجهدي كلّ شاردة |
|
لو لا سعودك ما كانت تواتيني (٣) |
يمانع الفكر عنها ما تقسّمه |
|
من كلّ (٤) حزن بطيّ الصّدر مكنون |
لكن بسعدك ذلّت لي شواردها |
|
فرضت منها بتحبير وتزيين (٥) |
بقيت دهرك في أمن وفي دعة |
|
ودام ملكك في نصر وتمكين |
وهو (٦) الآن قد بدا له في التّحول طوع أمل ثاب له في الأمير أبي عبد الله ابن الأمير أبي زكريا بن أبي حفص ، لما عاد إليه ملك بجاية ، وطار إليه بجناح شراع تفيّأ ظلّه ، وصكّ من لدنه رآه مستقرّا عنده ، يدعّم ذلك بدعوى تقصير خفيّ أحسّ به ، وجعله علّة منقلبة ، وتجنّ سار منه في مذهبه وذلك في ... (٧) من عام ثمانية وستين وسبعمائة. ولما بلغ بجاية صدق رأيه ، ونجحت مخيّلته ، فاشتمل عليه أميرها ، وولّاه
__________________
(١) في النفح : «انصرافه بسببه».
(٢) لا يعنّيني : لا يتعبني. لسان العرب (عنى). وجاء في النفح بعد هذا البيت كلمة «ومنها» وأورد الأبيات التالية.
(٣) تواتيني : توافقني ، تسعفني.
(٤) كلمة «كل» ساقطة في الأصل ، وقد أضفناها من المصدرين.
(٥) الشوارد : جمع شاردة ، وأصلها الدابّة التي تنفر من راكبها وتصعب عليه فلا يزال يروّضها ويذلّلها حتى يسلس له قيادها ، والمراد هنا القوافي التي يصعب على الشعراء الإتيان بها.
والتحبير هنا : التحسين. لسان العرب (شرد) و (حبر).
(٦) بياض في الأصل.
(٧) بياض في الأصل.