المشاركة ، مقيم لرسوم التّعين ، عاكف على رعي خلال الأصالة ، مفخرة (١) من مفاخر التّخوم المغربية.
مشيخته : قرأ (٢) القرآن ببلده على المكتّب ابن برال ، والعربية على المقرئ الزواوي (٣) ، وابن العربي ، وتأدّب بأبيه ، وأخذ عن المحدّث أبي عبد الله بن جابر الوادي آشي. وحضر مجلس القاضي أبي عبد الله بن عبد السلام ، وروى عن الحافظ عبد الله (٤) السّطي ، والرئيس أبي محمد عبد المهيمن الحضرمي ، ولازم العالم الشهير أبا عبد الله الآبلي ، وانتفع به.
توجّهه إلى المغرب : انصرف (٥) عن (٦) إفريقية منشئه ، بعد أن تعلّق بالخدمة السلطانية على الحداثة وإقامته لرسم العلامة بحكم الاستنابة عام ثلاثة وخمسين وسبعمائة. وعرف فضله ، وخطبه السلطان منفّق سوق العلم والأدب أبو عنان فارس بن علي بن عثمان ، واستقدمه (٧) ، واستحضره بمجلس المذاكرة ، فعرف حقّه ، وأوجب فضله ، واستعمله في (٨) الكتابة أوائل عام ستة وخمسين ، ثم عظم عليه حمل الخاصّة من طلبة الحضرة لبعده عن حسن التأنّي ، وشفوفه بثقوب الفهم ، وجودة الإدراك ، فأغروا به السلطان إغراء عضّده ما جبل عليه عندئذ (٩) من إغفال التّحفّظ ، ممّا يريب لديه ، فأصابته شدّة تخلّصه منها أجله ؛ كانت مغربة في جفاء ذلك الملك ، وهناة جواره ، وإحدى العواذل لأولي الهوى في القول بفضله ، [واستأثر به الاعتقال باقي أيام دولته على سنن الأشراف من الصّبر](١٠) وعدم الخشوع ، وإهمال التوسّل ، وإبادة المكسوب في سبيل النّفقة ، والإرضاخ على زمن المحنة ، وجار المنزل الخشن ، إلى أن أفضى الأمر إلى السّعيد ولده ، فأعتبه قيّم الملك لحينه ، وأعاده إلى رسمه. ودالت الدولة إلى السلطان أبي سالم ، وكان له به الاتصال ، قبل تسوّغ المحنة ، بما أكد حظوته ، فقلّده ديوان الإنشاء مطلق الجرايات ، محرّر السّهام ، نبيه الرّتبة ، إلى آخر أيامه. ولمّا ألقت الدولة مقادها بعده إلى الوزير عمر بن عبد الله ، مدبّر الأمر ، وله إليه قبل ذلك (١١) وسيلة ، وفي حليه شركة ، وعنده حقّ ، رابه تقصيره عمّا ارتمى إليه أمله ، فساء ما بينهما إلى أن آل إلى انفصاله عن الباب المريني.
__________________
(١) في النفح : «مفخر».
(٢) النص في نفح الطيب (ج ٨ ص ٣٠٧).
(٣) في النفح : «الزواوي وغيره».
(٤) في النفح : «أبي عبد الله».
(٥) النص في نفح الطيب (ج ٨ ص ٣٠٧ ـ ٣٠٨).
(٦) في النفح : «من».
(٧) كلمة «واستقدمه» غير واردة في النفح.
(٨) في النفح : «على».
(٩) في النفح : «عهدئذ».
(١٠) ما بين قوسين غير وارد في النفح.
(١١) قوله : «قبل ذلك» غير وارد في النفح.