وفاته : وكانت (١) على يدي رجل من أبناء عمّه يدعى عبد الله بن حكم ، كان مقدّما في قوّاده ، أضمر غدره ، فدخل عليه ، وهو غافل في غلالة ، ليس عنده إلّا نفر من خواصّ خدمه الصّقلب ، قد أكبّ على كتاب يقرؤه ، فعلاه بسكّين أجهز به عليه. وأجفل الخدم إلّا شهم منهم أكبّ عليه فمات معه. وملك سرقسطة ، وتمسّك بها أياما ، ثم فرّ عنها ، وملكها ابن هود. وكان الإيقاع به غرة ذي حجة سنة ثلاثين وأربعمائة ، رحمة الله عليه.
موسى بن يوسف بن عبد الرحمن بن يحيى
ابن يغمراسن بن زيّان (٢)
الأمير بتلمسان ، يكنى أبا حمّو.
أوليته : أوّليته معروفة تنظر فيما سلف من الأسماء.
حاله : هذا السلطان مجمع على حزمه ، وضمّه لأطراف ملكه ، واضطلاعه بأعباء ملك وطنه ، وصبره لدولة قومه ، وطلوعه بسعادة قبيله. عاقل ، حازم ، حصيف ، ثابت الجأش ، وقور مهيب ، جمّاعة للمال ، مباشر للأمور ، هاجر للّذات ، يقظ ، متشمّر. قام بالأمر غرّة ربيع الأول في عام ستين (٣) ، مرتاش الجناح بالأحلاف من عرب القبلة ، معوّلا عليهم عند قصد عدوّه ، وحلب ضرع الجباية ، فأثرى بيت ماله ، ونبهت دولته ، واتّقته جيرته ، فهو اليوم ممن يشار إليه بالسّداد.
أدبه وشعره : ووجّه لهذا العهد في جملة هدايا ودّية ، ومقاصد سنيّة ، نسخة من كتابه المسمى ب «واسطة السّلوك ، في سياسة الملوك» (٤) ، افتتحه بقوله :
«الحمد لله الذي جعل نعمته على الخلق ، بما ألّفهم عليه من الحقّ ، شاملة شائعة ، ويسّر طوائف من عباده لليسرى فأتت إليها مساعدة مسارعة ، وحضّهم على الأخذ بالحسنى ولا أحسن من نفوس أرشدت فأقبلت لإرثها طالبة ولربّها طائعة ، ولا أسمى من همم نظرت بحسن السّياسة في تدبير الرّياسة التي هي لأشتات الملك
__________________
(١) قارن بالذخيرة (ق ١ ص ١٨٥ ـ ١٨٦) والبيان المغرب (ج ٣ ص ١٧٨).
(٢) ترجمة أبي حمّو موسى بن يوسف الزياني في التعريف بابن خلدون (ص ٩٦) وأزهار الرياض (ج ١ ص ٢٣٨ ، ٢٤٤) ونفح الطيب (ج ٩ ص ٢١٤ ، ٣٤٢) وهدية العارفين (ج ٢ ص ٤٨٠) ودائرة المعارف الإسلامية (ج ١ ص ٣٢٨) والأعلام (ج ٧ ص ٣٣١).
(٣) أي سنة سبعمائة وستين.
(٤) هذا الكتاب مطبوع ، وجاء في هدية العارفين (ج ٢ ص ٤٨٠) أن له كتابا اسمه. «قلائد الدرر في سياسة الملك».