تواليفه : له اختصار حسن في «أغاني الأصبهاني» ، وردّ جيّد على ابن غرسيّة في رسالته الشّعوبية (١) ، لم يقصر فيها عن إجادة.
وفاته : وتوفي لسبع خلون من محرم من عام اثنين وستمائة.
الزّهاد والصّلحاء والصّوفية والفقراء وأولا الأصليون
محمد بن إبراهيم بن محمد بن محمد الأنصاري (٢)
من أهل غرناطة ، يكنى أبا عبد الله ، ويعرف بالصّنّاع.
حاله : من «عائد الصلة» : الشيخ الصّوفي ، الكثير الأتباع ، الفذّ الطريقة ، المحبّب إلى أهل الثغور من البادية. كان ، رحمه الله ، شيخا حسن السّمت ، كثير الذّكر والمداومة ، يقود من المخشوشنين عدد ربيعة ومضر ، يعمل الرّحلة إلى حصونهم ، فيتألّفون عليه تألّف النّحل على أمرائها ويعاسيبها ، معلنين بالذّكر ، مهرولين ، يغشون مثواه بأقواتهم على حالها ، ويتناغون في التماس القرب منه ، ويباشرون العمل في فلاحة كانت له بما يعود عليه بوفر وإعانة. وكان من الصالحين ، وعلى سنن الخيار الفضلاء من المسلمين ، وله حظّ من الطّلب ومشاركة ، يقوم على ما يحتاج إليه من وظائف دينه ، ويتكلم في طريق المتصوّفة على مذهب أبي عبد الله السّاحلي شيخه ، كلاما جهوريا ، قريب الغمر. وكان له طمع في صناعة الكيمياء تهافت على دفاتيرها وأهل منتحليها ؛ ليستعين بها بزعم على آماله الخيريّة ، فلم يحل بطائل.
مشيخته : قرأ على أستاذ الجماعة أبي جعفر بن الزبير ، وكانت له في حاله فراسة. حدّثني بذلك شيخنا أبو عبد الله بن عبد الولي ، رحمه الله. وسلك على الشيخ الصالح أبي عبد الله السّاحلي.
وفاته : وتوفي ليلة الاثنين السابع من شهر شوال عام تسعة وأربعين وسبعمائة ، وكانت جنازته آخذة في الاحتفال ، قدم لها العهد ، ونفر لها الناس من كل أوب ، وجيء بسريره ، تلوح عليه العناية ، وتحفّه الأتباع المقتاتون من حلّ أموالهم وأيديهم من شيوخ البادية ، فتولّوا مواراته ، تعلو الأصوات حوله ، ببعض أذكاره.
__________________
(١) هو أبو عامر أحمد بن غرسية ، من أبناء نصارى البشكنس ، سبي صغيرا وأدّبه مولاه مجاهد العامري. المغرب (ج ٢ ص ٤٠٦). وقد ذكره ابن بسام وأورد له رسالته الشعوبية ، وهي رسالة ذميمة ذمّ فيها العرب ، وفخر بقومه العجم. الذخيرة (ق ٣ ص ٧٠٥ ـ ٧١٤).
(٢) في تاريخ قضاة الأندلس (ص ١٦٠): «محمد بن إبراهيم بن محمد بن غالب الأنصاري ...».