وربّ أخلّاء شكوت إليهم |
|
ولكن لفهم الحال إذ ذاك لم يفوا (١) |
فبعضهم يزري عليّ وبعضهم |
|
يغضّ وبعض يرثي ثم يصدف |
وبعضهم يومي إليّ تعجّبا |
|
وبعض بما قد رأيته يتوقف |
وبعضهم يلقي جوابه على |
|
مقتضى العقل الذي عنه يتوقّف |
يسيء استماعا ثم يعدّ إجابة |
|
على غير ما تحذوه يحذو ويخصف |
ولا هو يبدي لي عليّ تعقّلا |
|
ولا هو يرثي لي ولا هو يعنف |
وما أمرنا إلّا سواء إنما |
|
عرفنا وكلّ منهم ليس يعرف |
فلو قد فرغنا من علاج نفوسنا |
|
وحطّوا الدنيّة من عليل وأنصفوا (٢) |
أما لهم من علّة أرمت بهم |
|
ولم يعرفوا أغوارها وهي تتلف؟ |
وحضنا لهم في الكتب عن كنه أمرهم |
|
ومثلي عن تلك الحقائق يكشف |
وصنّفت في الآفات كلّ غريبة |
|
فجاء كما يهوى الغريب المصنّف |
وليس عجيبا من تركّب جهلهم |
|
فإن يحجبوا عن مثل ذاك وصرّفوا (٣) |
إذا جاءنا بالسّخف من نزو عقله |
|
إذا ما مثلناه أزهى وأسخف |
فما جاءنا إلّا بأمر مناسب |
|
أينهض عن كفّ الجبان المثقّف؟ |
ولكن عجيب الأمر علمي وغفلتي |
|
فديتكم أيّ المحاسن أكشف |
إلّا أنها الأقدار يظهر سرّها |
|
إذا ما وفى المقدور فالرأي يخلف |
أيا ربّ إن اللّب طاش بما جرى |
|
به قلم الأقدار والقلب يرجف |
وإنّا لندعوهم ونخشى وإنما |
|
على رسمك الشّرعي من لك يعكف |
أقول وفي أثناء ما أنا قائل |
|
رأيت المنايا وهي لي تتخطّف |
وإني مع السّاعات كيف تقلّبت |
|
لأسهمها إن فوّقت متهدّف |
وما جرّ ذا التّسويف إلّا شيبتي |
|
تخيّل لي طول المدى فأسوّف |
إذا جاء يوم قلت هو الذي يلي |
|
ووقتك في الدنيا جليس مخفّف |
أقدّم رجلا عند تأخير أختها |
|
إذا لاح شمس فالنّفس تكسف |
كأنّي لداني المراقد منهم |
|
ولم أودعهم والخضّ ريّان ينسف |
وهبني أعيش هل إذا شاب مفرقي |
|
وولّى شبابي هل يباح التّشوّف؟ |
وكيف ويستدعي الطريق رياضة |
|
وتلك على عصر الشّباب توظّف |
__________________
(١) في الأصل : «يف».
(٢) في الأصل : «وأنصف».
(٣) في الأصل : «وصرف».