تضمنت ذكر المقامات العالية وأضرحة الأولياء والصالحين الذين تشرفت مدينة حلب بمراقدهم المباركة ، وبهذه الأرجوزة انتهى الكتاب.
وقد اقتطفت الكلام عليه من مقدمة بين فيها ما اشتمل عليه تاريخه ، وقد طبعها ووزعها قبيل شروعه بالطبع. وقد باشر بطبعه في المطبعة المارونية بحلب في أواخر السنة الماضية أعني سنة ١٣٤١.
ابتدأ منه بطبع الجزء الثاني الذي فيه الكلام على الآثار والمأمول أن ينجز هذا الجزء في ربيع الآخر من سنة ١٣٤٢.
وقد كان شروعي بطبع تاريخي في ربيع الأول من هذه السنة ، وفقنا الله جميعا للإتمام بمنه وكرمه.
وإني من الشاكرين لمساعيه المقدرين لجليل عمله ، فقد عانى في جمع تاريخه ما عانيته وقاسى ما قاسيته وقام بمأثرة عظيمة نحو بلاده ووطنه ، له من الله الجزاء الأوفى ومنا الثناء الأوفر.
هذا وقد اجتمع عند كل واحد منا من المواد ما لم يجتمع عند الآخر واطلع على ما لم يطلع عليه ، فسترى في تاريخه ما لا ذكر له عندي وستجد في تاريخي ما لا تجده في تاريخه ، فلا يستغنى بأحدهما عن الآخر كما قيل لا يغني كتاب عن كتاب ، فإذا سهل المولى الكريم طبع التاريخين يجد القراء فيهما على اختلاف مشاربهم وتباين مقاصدهم ما ترتاح إليه نفوسهم وتنشرح به صدورهم ويشفي غليلهم.
هذا وإن كلا من التاريخين لا يغني من رام التوسع في الوقوف على تاريخ الشهباء والاطلاع على حوادثها وتراجم أعيانها خصوصا في صدر الإسلام والقرون الأولى للهجرة ، فالحاجة إلى تواريخها الخاصة التي تكلمنا عليها في هذا الفصل وتواريخ علمائها العامة التي سنتكلم عليها في الفصل الثاني لم تزل باقية ، وقد أرشدناك أثناء ذلك إلى محال وجودها بقدر ما أدى إليه بحثنا وتنقيبنا ، ولا نيأس من رجال يأتون بعدنا من أبناء وطننا يمتطون غارب الاغتراب ويحثون الركاب ويبذلون النفس والنفيس في الاستحصال عليها واستخراجها من زواياها وإبرازها لعالم المطبوعات للاقتباس من فوائدها وتعميم النفع منها.