القاهرة ، أكبر الفضل في نشر الإسلام الحنيف والحفاظ على تعاليمه السمحة وحماية لغة القرآن وآدابها والعمل على إثرائها في جميع فروع المعرفة ... بالإضافة إلى ما قامت به هذه الجامعات الإسلامية الكبرى من تزويد شعوبنا العربية خلال مراحل تطورها بالقادة والعلماء والمرشدين الروحيين طوال القرون الماضية.
وتاريخ جامعة القرويين بالذات يرتبط أوثق ارتباط بتاريخ مدينه «فاس» التي كانت منذ إنشائها عاصمة للدولة المغربية في عهد الآدارسة ومن خلفهم إلى مستهل القرن الهجري الحالي ، حيث أخذ الاستعمار يتسلل إليها. وقد سارت هذه الجامعة في تاريخها الطويل العامر ، ككل كائن حي ، تنهض وتنمو آنا ، وتجمد وتتعثر آنا آخر ... ولكن الأمر الذي لا يمكن أن ينكره أحد عليها ، أنها ظلت ـ في كل الأحوال ـ تحمل علم الدراسات الإسلامية وما يتصل بها عن جدارة ، في هذا الجزء الهام من وطننا العربي الكبير. واستطاعت أن تثبت حقا أنها منارة الهدى والعرفان ، وأساس الارتكاز الروحي عند المسلمين كافة في المغرب العربي.
والفصول الأولى لقصة إنشاء القرويين ، تبدأ ـ كما يجمع المؤرخون ـ مع هجرة ثمانمائة عائلة أندلسية ، تبعتها هجرة ثلاثة آلاف عربي من القيروان بتونس ، إلى مدينة فاس ، واتخاذهم لها وطنا ثانيا في أوائل القرن الثالث للهجرة.
وقد استقر المغتربون من الأندلس في شرقي المدينة بضاحية عرفت فيما بعد ، باسم «عدوة الأندلسيين». أما المغتربون من القيروان ، فقد استقر بهم المقام في الجهة المقابلة بضاحية على الضفة اليسرى كانت تسكنها القبائل ، وسميت أيضا باسم «عدوة القرويين».
وكان بين المغتربين التونسيين رجل ورع ، يعيش في بسطة من الرزق بسبب ما حمله معه من المال ، هو «محمد بن عبد الله الفهري