العلمية في تفسر آي الذكر الحكيم ، وحديث النبي الكريم ، عقب صلاة الفجر بالرواق العباسي بالأزهر ، وكان جلة العلماء ، ومثقفو الطلبة حريصين على تلقي هذه المحاضرات ، للارتشاف من منهل الامام الكوثر العذب ، يبادرهم اليها ، سيادة السيد المجددي ، وزير الافغان المفوض بمصر سابقا ، وقد كتب بعض المستشرقين ؛ عند استماعه هذه المحاضرات ، مقالات ممتعة ، نشرتها صحف فرنسا بعنوان (سبنسر وباكون ، في الأزهر الشريف) الخ.
أما ناحيته العملية ، فتتمثل فيما قام به من تأليف الجمعيات الإصلاحية الدينية ، التي منها جمعية النهضة الإسلامية لمناهضة المبشرين الذين استشرى فسادهم ، وعم ضررهم حتى ضجت البلاد من شرهم ، فكانت جمعية موفقة أدت واجبها خير أداء ، وانتشرت فروعها في جميع الانحاء ، فوقفت هذا التيار الجارف. ومنها الجمعية العظمى لمساعدة منكوبي حرب الأناضول ، بمناسبة الحرب التركية اليونانية ، وأسندت رئاستها إليه اول مرة ، وبمناسبة تأسيسه لها أرسل إليه الخليفة عبد المجيد كتاب شكر وثناء وتقدير. ولم يقتصر نشاط الشيخ على ما تقدم ، بل لم يلهه الجهاد العلمي عن الجهاد الوطني ، فكانت له مواقفه المشهودة في خدمة أهداف البلاد الوطنية ، ومن تلك المواقف احتجاجه لدى العميد الإنجليزي على اعتقال المرحوم الزعيم الخالد سعد زغلول وصحبه المجاهدين المخلصين ، اذ قال : «عجبا لسياستكم العتيقة كيف يفوتها أن شدة الضغط تولد الانفجار ، وأن تقليم الأشجار لا يزيدها إلا تهيجا ونماء ، وأن النفوس الانسانية متى امتلأت بشيء استعذبت الموت في سبيله ، ولا تظنوا يا جناب اللورد ان هذه احتجاجات تفوه بها الألسن. وإنما هي قلوب متأججة وأرواح مشتعلة وأعصاب متنبهة ، فاعملوا إنا عاملون ، ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون». وقد نشرته الصحف في حينه. ومن مواقفه التي تشهد له بالفخر والاريحية والاقدام والشجاعة ، ذلك الكتاب الذي رفعه الى ملك الانجليز طالبا به تخفيف حكم الإعدام الذي صدر على شاب من شباب الأزهر وهو ـ