بكر ، فأتيته فأصبته في مجلس ليس عنده أحد ، فجلست إليه ، فرآني مفكرا (١) ، فسألني عن أمري ، وكان رجلا متأنيا فأخبرته بما سمعت من خالتي ، فقال : ويحك يا عثمان ، إنك لرجل حازم ما يخفى عليك الحق من الباطل ، هذه الأوثان التي يعبدها قومنا أليست من حجارة صم لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع؟ قال : قلت : بلى والله إنها كذلك ، قال : فقد والله صدقتك خالتك ، هذا رسول الله محمّد بن عبد الله قد بعثه الله تعالى برسالته إلى خلقه ، فهل لك أن تأتيه فتسمع منه ، قال : قلت : بلى ، فو الله ما كان أسرع من أن مرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومعه علي بن أبي طالب ، يحمل ثوبا ، فلما رآه أبو بكر قام إليه فسارّه في أذنه بشيء ، فجاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقعد ، ثم أقبل عليّ فقال : «يا عثمان أجب الله إلى جنته ، فإنّي رسول لله إليك وإلى خلقه» [٧٧٤٢].
قال : فو الله ما تمالكت حين سمعت قوله أن أسلمت وشهدت أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، ثم لم ألبث أن تزوّجت رقيّة بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فكان يقال : أحسن زوج : رقية وعثمان.
قال عمارة بن زيد وكان يقال :
أحسن زوج رآه إنسان |
|
رقيّة وزوجها عثمان |
وفي إسلام عثمان تقول خالته سعدى بنت كريز بن ربيعة بن عبد شمس. (٢)
هدى الله عثمان بقولي إلى الهدى |
|
وأرشده والله يهدي إلى الحقّ |
فتابع بالرأي السديد محمدا |
|
وكان برأي لا يصدّ عن الصدق |
وأنكحه المبعوث بالحق بنته |
|
فكانا كبدر مازج الشمس في الأفق |
فداؤك يا بن الهاشميين مهجتي |
|
وأنت أمين الله أرسلت في الخلق (٣) |
ثم جاء الغد أبو بكر بعثمان بن مظعون وبأبي عبيدة بن الجرّاح ، وعبد الرّحمن بن عوف ، وأبي سلمة بن عبد الأسد ، والأرقم بن أبي الأرقم ، فأسلموا وكانوا مع من اجتمع مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثمانية وثلاثين رجلا.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر ، أنا أحمد بن محمّد بن أحمد ، أنا
__________________
(١) بالأصل : مفكر ، والتصويب عن م.
(٢) الأبيات في البداية والنهاية بتحقيقنا ٧ / ٢٢٣.
(٣) البداية والنهاية : أرسلت للخلق.