أخبرنا أبو عبد الله يحيى بن الحسن ، أنا يوسف بن محمّد ، أنبأ عبد الواحد بن محمّد ، أنا [أبو بكر](١) محمّد بن أحمد ، أنا جدي يعقوب بن شيبة ، نا يزيد بن هارون ، أنا الجريري ، عن عبد الله بن شقيق ، عن الأقرع مؤذن عمر.
أن عمر دعا الأسقف فقال : هل تجدونا [في](٢) شيء من كتبكم ، قال : نجد صفتكم وأعمالكم ، ولا نجد أسماءكم ، قال : كيف تجدوني؟ قال : قرنا من حديد ، قال : ما قرن من حديد؟ قال : أمير شديد ، قال عمر : الله أكبر ، فالذي من بعدي؟ قال : رجل صالح يؤثر أقرباءه ، قال : يرحم الله ابن عفان ، فالذي من بعده؟ قال : صدع من حديد (٣) ، قال : فقال عمر وألقى شيئا في يده ، وجعل يقول : وادفراه وادفراه ، قال : فقال مهلا : يا أمير المؤمنين فإنه رجل صالح ، ولكن تكون خلافته في هراقة من الدماء والسيف مسلول.
قال : وثنا جدي ، قال : قرئ على أبي عبيد (٤) ، وأنا أسمع.
في حديث عمر حين سأله الأسقف عن الخلفاء ، فحدثه حتى انتهى إلى نعت الرّابع ، فقال : صدع من حديد ، فقال : وادفراه.
قال أبو عبيد : قال الأصمعي : كان حمّاد بن سلمة يقول : صدأ (٥) حديد ، قال : وهذا أشبه بالمعني لأن الصدأ له دفر والصّدع لا دفر له.
قال : والدفر هو النتن إذا قلته بالدال وجزم الفاء قيل : ومنه قيل للدنيا أم دفر ، ولهذا قيل للأمة : يا دفار ، قال : والذفر بالذال وفتح الفاء ، يقال ذلك لكل ريح ذكية شديدة من طيب ، أو نتن : ذفر ، وقيل ومنه : مسك أذفر.
قال أبو عبيد : فهذا مما يوصف به الذّفر في شدّة طيب الريح (٦) ، قال : وأمّا ما يقال في النتن فقولهم في ذفر الإبط وهو نتنه وكذلك الحديد وهو سهكه.
وقال عبيد بن الأبرص :
__________________
(١) الزيادة عن م.
(٢) الزيادة عن م.
(٣) عن م وبالأصل : من يد ، والصدع بالتحريك وبالفتح الفتي الشاب القوي من الأوعال.
(٤) غريب الحديث لأبي عبيد الهروي ط بيروت ٢ / ١٨ ـ ١٩.
(٥) قال الزمخشري في الفائق ٢ / ١٦ والهمزة فيمن رواه صدأ بدل من العين كما قيل أباب في باب عباب ، ويجوز أن يراد بالصدإ السهك ، وأن تكون العين مبدلة من الهمزة في صدع.
(٦) في غريب الهروي : شدة ريح الطيب.