الأصل البغداديّ المولد والدّار ، أبو الحسن ابن شيخ الشّيوخ أبي البركات ابن أبي سعد الصّوفي ، أخو شيخنا عبد الرّحيم الذي قدّمنا ذكره (١) ، وهذا الأصغر.
من أولاد المشايخ ، ومن بيت التّصوّف ، إلا أنّه كان بليدا ذا شهوة لا يفهم شيئا. أسمعه والده في صغره من جماعة منهم : والده ، والقاضي أبو بكر محمد ابن عبد الباقي الأنصاري ، وأبو القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السّمرقندي وغيرهم. وسمع منه قوم لا يبحثون عن أحوال الشّيوخ ، ولا ينظرون في أهلية الرّواية تكثيرا للعدد. وقد رأيته وتركت السّماع منه.
وقد حدّثني بعض طلبة الحديث من أصحابنا أنّه أتاه بجزء فيه سماعه ليقرأه عليه ، فصادفه في شغل من عمارة رباط والده ، فوقف ينتظر فراغه ، فلما طال عليه الوقوف قال له الشيخ ، أعني عبد اللطيف : امض إلى ضياء الدين عبد الوهّاب ، يعني ابن سكينة ليسمعك إياه عنّي فإني مشغول ، فعلمت أنّه لا يدري قاعدة هذا الأمر ولا يفهمه ، وأنّه لا تصح فيه النّيابة ، فتركته ومضيت.
تولّى رباط والده بعد وفاة أخيه عبد الرّحيم ، وخرج حاجا فحجّ وعدل من مكة إلى مصر وصار منها إلى الشّام ، فتوفي بدمشق في رابع عشر ذي الحجة سنة ست وتسعين وخمس مئة ، ودفن بمقابر الصّوفية هناك.
وكان ذكر لي شيخنا عبد الوهّاب ابن سكينة أنه ولد في ذي القعدة سنة ثلاث وعشرين وخمس مئة ، والله أعلم.
__________________
النبلاء ٢١ / ٣٣٤ ، والمختصر المحتاج ٣ / ٦٣ ، والعبر ٤ / ٢٩٣ ، والعيني في عقد الجمان ١٧ / الورقة ٢٤٧ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ١٥٩ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٣٢٧.
(١) الترجمة ١٨٨٨.