رءوسهن خمار أسود وليس فى تلك الديار جميل ولا جميلة لأن بشرة أهلها شديدة السمرة والبعوض كثير إلى حد أنه يقلق راحة النوام ليلا ، ولذلك ينامون فى شال رقيق اللهم عافنا ، وإذا ما تجاوز أحد حدود ممتلكات الدولة العثمانية استوجب القتل أو نفى إلى إبريم ، وصيف هذه المدينة معتدل ولشدة القيظ ينفون إليها المجرمين.
وأبريم تقع فى نهاية حدود ممتلكات الدولة العثمانية ، وفى الجانب الشمالى من تلك الحدود قلعة أزاق ، أما فى الجهة الشرقية فنهاية حد تلك الممتلكات العراق أما فى الجهة الغربية فحدودها مدينة بلغراد.
وثمة قلعة تسمى :
قلعة جاوغه
ولكنها فى ولاية لطيفة جوها كأنها حديقة إرم فليس فى أبريم حدائق ولا خلائق ، ولكن فيها جبالا سودا ، وإن وجد فى هذه الولاية حدائق يكثر فيها الشمام والبطيخ ، وكل كيلة من الذرة فيها تنبت مائة وخمسين كيلة ، ولذلك لا يزرعون إلا الغلال ، إنهم يزرعون الذرة البيضاء وحيواناتهم تعتلف الذرة ، وهذه البلدة تقع فى نهاية الإقليم الأول ، إنه على حد قول بطليموس على عشرين درجة وسبع وعشرين دقيقة ويطول النهار فيه ثلاث عشرة ساعة وثلاثين دقيقة أما طول الإقليم الثانى من الشرق إلى الغرب على حد قول الجغرافيين فهو ألفان وأربعمائة فرسخ ، وعرضه مائة وستة وثلاثون فرسخا وفى هذا الإقليم سبعة جبال عظام ، وهى مقاليد الأرض كما أن فيه ست وثلاثين صحراء لا يسكنها إلا قلة من الناس ، وأرضها ممتلئة بالحشرات ، وفيها ألفا مدينة ، خمسون منها مدنا عظيمة ، وفى جانبها الشرقى أولا بلاد الهند والسند ومنصورة وهيزة وكندة وجزيرة العرب ، ونجد وتهامة ويثرب والحجاز وديار فلزمك ، وفى الجانب المقابل من بحر القلزم الحبشة وزيلع وسواكن وفى أرض بربرستان قلعة إبريم ومدينتها ومدينة دونقلا تخت بربره ، وبها تنتهى الأرض الأفريقية والمصرية والبقلية ومقابل المغرب كفار البرتغال وهم على شاطئ البحر المحيط ، وقد طوفت بكل هذه البلاد قدماء الحكماء طيلة عمرهم واستخدموا علم الإسطرلاب وعرفوا نعم الله وألفوا كتبهم وهى