بنو الحارث بن كعب. فلما وقفوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم سلموا عليه ، وقالوا : نشهد أن لا إله إلا الله وأنك لرسول الله. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «وأنا أشهد أن لا إله إلا الله / وأني رسول الله» ثم قال صلىاللهعليهوسلم : «أنتم الذين إذا زجروا استقدموا» فسكتوا ولم يراجعه منهم أحد ، ثم أعادها الثانية فلم يراجعه منهم أحد ، ثم أعادها الثالثة فلم يراجعه منهم أحد ، ثم أعادها الرابعة ، فقال يزيد بن عبد المدان : نعم يا رسول الله ، نحن الذين إذا زجروا استقدموا. قالها أربع مرات. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لو أن خالدا لم يكتب إلي أنكم أسلمتم ولم تقاتلوا لألقيت رؤوسكم تحت أقدامكم». فقال يزيد بن عبد المدان : أما والله ما حمدناك ولا حمدنا خالدا. قال : «فمن حمدتم؟» قالوا : حمدنا الله تعالى الذي هدانا بك يا رسول الله. قال : «صدقتم». ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «بم كنتم تغلبون من قاتلكم في الجاهلية؟». قالوا : لم نكن نغلب أحدا. قال : «بلى قد كنتم تغلبون من قاتلكم». قالوا : كنا نغلب من قاتلنا يا رسول الله أنا كنا نجتمع ولا نفترق ، ولا نبدأ أحدا بظلم. قال : «صدقتم».
وأمّر رسول الله صلىاللهعليهوسلم على بني الحارث بن كعب قيس بن الحصين. فرجع وفد بني الحارث إلى قومهم في بقية شوال أو في صدر من ذي القعدة ، فلم يمكثوا بعد أن رجعوا إلى قومهم إلا أربعة أشهر حتى توفي رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
* * *
[بعث رسول الله عمرو بن حزم إلى بني الحارث](١)
وقد كان بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم إليهم بعد أن ولّى وفدهم عمر [و] بن حزم ليفقههم في الدين ويعلمهم السنة ومعالم الإسلام ويأخذ منهم صدقاتهم / ، وكتب له كتابا عهد إليه فيه عهده وأمره فيه بأمره ، وهو :
__________________
(١) ابن هشام ٢ / ٩٦١ ـ ٩٦٣ ، والطبري ٣ / ١٢٨ ـ ١٢٩