فصل
في ذكرى الوافدين على النبي صلىاللهعليهوسلم
وفي ذلك يظهر المقصود ، لأن منهم الذي بنى (١) المسجد الجامع بصنعاء ، والجبانة فيها. ثم نذكر بعدهم ما خصّ الله به هذا الأمير الكبير الأجل المقدم ذكره علم الدين وردسار ـ أجزل الله ثوابه ـ من عمارة ما ذكرت مما قد كان اندرس وذهب وأخمله من ولاة الأمر من طبع الله على قلبه وجعل على بصره غشاوة : (فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ)(٢). فكان هذا الأمير الأجل السّنّي الشافعي المخصوص بإحياء هذه المواضع الكريمة والمساجد الفاضلة المشهود لها بالفضل. ضاعف الله تعالى حسناته ، ورفع في الجنات درجاته.
ولما افتتح رسول الله صلىاللهعليهوسلم مكة ، وفرغ من تبوك ، وأسلمت ثقيف وبايعت ، ضربت إليه الوفود ـ وفود العرب ـ من كل جهة ، وذلك كان في سنة تسع ، وأنها كانت تسمى «سنة الوفود» (٣) لأن العرب كانت تتربّص بالإسلام أمر قريش وأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وذلك أن قريشا كانوا إمام الناس وهاديهم وأهل البيت والحرم وضريح ولد إسماعيل / بن إبراهيم ، وقادة العرب لا ينكرون ذلك. وكانت قريش هي التي نصبت العداوة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وحاربته وخالفته. فلما افتتحت مكة وذلت قريش ودوخها الإسلام عرفت العرب أنه
__________________
(١) الأصل : «بنا».
(٢) الجاثية : ٤٥ / ٢٣
(٣) سيرة ابن هشام ، ط الأوربية ٢ / ٩٣٣. والطبري ، ط دار المعارف ٣ / ١١٥ ، وانظر في ذلك ما تقدم في تاريخ صنعاء.