وأصعدوها إلى خلة لهم وهي العلية الثالثة من الغرف فنسوا قدرا من تلك القدور إلى يوم عرفة من عيد الأضحى فوجدوا ذلك القدر لا تكرّج فيه ولا طعم مكروه ولا ريح فيه (١) فسخن وأكل ولم يكن خله بالغا في حموضته ، فأما لو كان بالخل الحاذق لأقام ما شاء الله.
وحدثني القاضي الحسين بن محمد أن الأمير أسعد (٢) أرسل إلى ابن روح وكانت له قدر على النار فذهب من فوره أعني من فوره (٣) من صنعاء إلى كحلان فبعثه الأمير أسعد إلى مكة في حاجة عرضت له ، فأقام ما شاء الله ثم عاد إلى كحلان ثم راح إلى صنعاء فدخل حانوته التي فيها القدر فوجده على هيئته فسخنه وأكل منه وذلك بعد أشهر نحو خمسة.
وذكر إبراهيم بن الصلت أنه طبخ قدرا مقرها بخل حاذق فهو على أن يتغدى إذ أتته رسل ابن يعفر (٤) فمضوا به إلى شبام ، فلمّا وصل إلى السلطان أمره أن يمضي إلى مكة وكتب له بناقة وزاد فمضى إلى مكة وعاد بالجواب فدفعه إلى ابن يعفر وصار إلى منزله (فوجد القدر جامدا ورائحته طيبة فأسخن القدر) (٥) ففاح برائحة طيبة فقرب طعامه وأكل كأطيب (٦) ما كان يصنع. وهذه القدور تبقى إذا أجيد طبخها وأحكم صنعتها فإنها تبقى ما شاء الله (٧).
وكثير من أهلها وأرباب النعمة بها يطبخون من الجمعة إلى الجمعة القدر الكبيرة فيبقى يأكلونه كلما أرادوا ولكنهم يحولون من ذلك القدر إلى قدر
__________________
(١) بدلها في حد : «كريه». وفي صف : «خبيث فيح».
(٢) أي الأمير أسعد بن يعفر ، انظره في كشافنا.
(٣) «أعني من فوره» ليست في بقية النسخ.
(٤) «ابن يعفر» ساقطة في : حد ، صف ، مب.
(٥) ما بين القوسين ساقط في مب.
(٦) «كأطيب ما» ليست في صف.
(٧) بقية النسخ : «تبقى ما شئت إن شاء الله».