تلك كانت المحاولة الأولى لليمن في العصر الحديث لوضع تاريخ لليمن بأقلام يمنية.
ولقد كان مفترضا أن تهتم تلك اللجنة بكنوز التراث من كتب التاريخ اليمني التي تعتبر المادة والمدخل الأساسي لتدوين التاريخ ، إلّا أنها ولأسباب كثيرة ـ بعضها خارج عن إرادتها ـ لم تتمكن من تحقيق أي مخطوط من هذه الكنوز ونشره رغم أن أعضاءها ونفرا من معاصريهم المهتمين بالتاريخ اليمني هم ممن تأثر بالسلفية الجديدة التي حمل لواءها في العالم الإسلامي عبد الرحمن الكواكبي (١٨٤٩ ـ ١٩٠٢ م) والشيخ محمد عبده (١٨٤٩ ـ ١٩٠٥ م) وصاحب المنار السيد رشيد رضا (١٨٦٥ ـ ١٩٣٥ م) الذين كان من أهم أهدافهم إحياء التراث العربي الإسلامي واعتباره أساسا للقيام بحركة إصلاحية جديدة شاملة.
وبعد مضي ربع قرن أو أكثر على تاريخ تأسيس تلك اللجنة يظهر اسم القاضي العالم محمد بن علي الأكوع محققا ومؤرخا يمنيا عندما يقوم بنشر أعماله الخاصة في كتب التاريخ اليمني في مطلع الستينات (١).
لقد بقيت كتب اليمن وكنوز التراث العربي الإسلامي حبيسة الخزائن والصناديق مدفونة في كوات الحيطان وتحت أنقاض الخرائب ، كما تسرب بعضها ليحفظ في مكتبات أوربا وتركيا والهند وأنحاء أخرى متفرقة في العالم ، ولقد كان أولى بتلك اللجنة ، كما كان حقيقا بالمهتمين بالتراث العربي والتاريخ من
__________________
(١) يعتبر القاضي محمد بن علي بن حسين الأكوع الحوالي المرجع اليمني المعاصر في الجغرافيا والأنساب والتاريخ اليمني وهو الوحيد من جيله الذي تمكن من نشر بعض الأعمال الهامة ، فقد نشر عام ١٩٦٣ م الجزء الأول من الإكليل للهمداني ، كما نشر عام ١٩٦٧ م الجزء الثاني منه ، كما أعاد تحقيق (المفيد في أخبار صنعاء وزبيد) لنجم الدين عمارة بن علي الحكمي الشاعر اليمني المعروف المتوفى سنة ٥٦٩ ه وقد نشره عام ١٩٦٧ م باسم (تاريخ اليمن) ، وصدر له الآن في بيروت (صفة جزيرة العرب) للهمداني ، ويطبع له في القاهرة (قرة العيون) لابن الديبع المتوفى سنة ٩٤٤ ه ؛ وهما من تحقيقه.