واللّيل لا صوم
فيه
|
|
فالله بالفطر
خصّه
|
ثم ركبنا حين
تعوّضت الشمس بفيها من ظلها ، ودخلنا المدينة على حين غفلة من أهلها ، لنخبر وبلها
من طلها ، وعلّها من نهلها ، وحزنها من سهلها ، وخرجها من دخلها ، وكثرها من قلّها ، وجدّها من
هزلها ، وسفسافها من جزلها ، فوجدناها مدينة قديمة بها بقايا عمارات عظيمة ، وآثار
مآثر مقيمة ، وأزقّة فسيحة وأسواق مليحة ، وأكثر [١١ ب] أهلها من أكثر أهل الجنة ، لو لا ما ينسب إلى بعضهم من بغضهم السّنّة ،
ودخلنا إلى جامعها الكبير الرحيب ، فتلقانا خادمه بالتأهيل والترحيب ، وفرش لنا
سجادة ، وعكفنا فيه وقتا طويلا على الاعتكاف والعبادة ، ثم تكلّمنا مع القيّم
فوجدناه لطيف الذات ، كامل الأذوات ، فسألناه عمّا يقال عن أهل بعلبك وعن رأس
العين فقال : نعم هو حق ليس بالمين ، فإنها كانت عينين فأصابتهما وصمة العين ،
فحضر مغربيّ ملعون الوالدين ، فسرق منهما عينا في قنينة ، وذهب بها إلى رأس جبل
قرب المدينة ، فانكسرت منه وجرت عينا هناك ، ثم حضر مغربيّ آخر ، وأهل المدينة
بين متأسف وباك ، فقال : يا أهل بعلبك كأنكم بالعين الأخرى وقد اغتالتها يد البين
، وأصبحت مدينتكم برأس بلا عينين ، ويمكنني أن أقول على هذه العين الباقية عزيمة ، فلا تزال بدياركم باقية مقيمة ، فجمعوا له مالا لبدا ،
وازدلفوا إليه حتى كادوا يكونون عليه لبدا ، فرقى تلك العين ووضع عليها حجرا رصدا
، فلم تبد بعد أبدا وزادت [١٢ أ] على طول المدا مددا ، ورأينا قلعتها الحصينة ،
وهي ذات أبنية متينة ، وأعمدة كثيرة طويلة ، وأحجار كبيرة ثقيلة يظنّ من
__________________