من أهل المغرب.
قدم بغداد في سنة ثمان وست مئة. وكان يومى إليه بالفضل والمعرفة ، والغالب عليه طريق أهل الحقيقة. وله قدم في الرّياضة والمجاهدة ، وكلام على لسان أهل التّصوف. ورأيت جماعة يصفونه بالتّقدّم والمكانة عند جماعة من أهل هذا الشأن بدمشق وبلاد الشام والحجاز ، وله أصحاب وأتباع. ووقفت له على مجموع من تأليفاته قد ضمّنه منامات رأى فيها النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وما سمعه منه ، ومنامات قد حدّث بها ونقلها عمن رآه صلىاللهعليهوسلم وكتب عنّي شيئا من ذلك ، وعلّقت عنه منامين منه حسب.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عليّ ابن العربي بقراءتي عليه ببغداد من كتابه ، قلت له : حدثكم محمد بن قاسم بن عبد الكريم الفاسي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد السّلفيّ ، قال : أخبرنا أبو عبد الله القاسم بن الفضل الثّقفي ، قال : أخبرنا محمد بن الحسين السّلمي ، قال : سمعت أبا عليّ الشّبويي يقول : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم في المنام فقلت له : روي عنك أنّك قلت : شيّبتني هود ، فما الذي شيبك منها أقصص الأنبياء عليهمالسلام وهلاك الأمم؟ فقال : لا ، ولكن قوله تعالى : (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) [هود : ١١٢]. قال محمد ابن العربي : لأنّه قد يأمر بما لم يسبق العلم بوقوعه فالمأمور على وجل.
خرج محمد ابن العربي هذا عن بغداد في هذه السنة حاجا وأقام بمكة (١) ولم ألقه بعد ذلك (٢).
__________________
(١) لذا ذكره التقي الفاسي في «العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين» وطوّل في ترجمته. وفي مكة ألف كتابه المشهور «الفتوحات المكية».
(٢) توفي في ليلة الثاني والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة ٦٣٨ بدمشق ، ذكر ذلك غير واحد ممن ترجم له.