لتراث أمتنا فظهر في سبعة عشر مجلدا ضخما ، فكانت أول نشرة علمية محققة على نسخ من المدينة المنورة ، والقاهرة ، وتونس ، والجزائر ، وإستانبول ، وباريس ، ولندن ، وإيرلندا. وقد وثقنا النص بالإشارة إلى مناجم الكتاب وتتبعها والعزو إلى المصادر التي اقتبست منه ، ومقابلة نص الخطيب بموارده وبمن نقل عنه وتثبيت الاختلافات الأساسية ، فضلا عن تفصيل النص بما يظهر معانيه ودلالاته وضبطه بالحركات ، وبيان ما وقع فيه من أوهام. ثم تخريج أحاديث الكتاب التي أربت على خمسة آلاف حديث مرفوع وموقوف تخريجا مستقصيا مع بيان عللها الظاهرة والخفية والكلام عليها تصحيحا وتضعيفا ، وعملنا له الفهارس المتنوعة التي تضمنها المجلد السابع عشر مما ييسر الإفادة من الكتاب على أحسن وجه ، فنال هذا العمل رضا أهل العلم وتقديرهم بحيث قال العلامة المحقق المدقق الأستاذ يوسف الهادي : «لقد بلغ المحقق بطبعته هذه لتاريخ مدينة السلام الصادرة عن دار الغرب الإسلامي أقصى ما استطاعه من دقة وضبط في عمل سيخلد اسمه في عالم التحقيق ، كما هو حاله في أعماله الأخرى وأهمها تهذيب الكمال» (١).
وممن ذيّل على تاريخ الخطيب أبو البركات هبة الله بن المبارك بن موسى ابن علي بن يوسف السّقطي المحدث الرّحال المولود في سنة ٤٤٥ ه والمتوفى سنة ٥٠٩ ه (٢).
وكان أبو البركات السّقطي من طلاب العلم المجدين في الطلب ، سمع
__________________
(١) من مقال له ـ حفظه الله ـ في صحيفة الوسط.
(٢) تنظر ترجمته عند السمعاني في «السقطي» من الأنساب ، وابن الجوزي في المنتظم ٩ / ١٨٣ ، وابن النجار في التاريخ المجدد كما في المستفاد ، الترجمة ١٩٣ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١١ / ١٣١ ، وسير أعلام النبلاء ١٩ / ٢٨٢ ، والعبر ٤ / ١٩ ، وميزان الاعتدال ٤ / ٢٦ ، واليافعي في مرآة الجنان ٣ / ١٩٨ ، وابن كثير في البداية والنهاية ١٢ / ١٧٩ ، وابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة ١ / ١١٤ ـ ١١٥ ، وابن حجر في لسان الميزان ١ / ١١٤ ، والعيني في عقد الجمان ١٥ / الورقة ٧٠٥ ، وابن العماد في شذرات الذهب ٤ / ٢٦.