عليها خراج لا يعرف أصله .. يحكم بحلّ أخذه ؛ لاحتمال أنّه وضع بحقّ).
وما جاء في «النّهاية» و «فتاوى ابن حجر» من قولهما : (إنّه لا يجوز لمالك جدار هدمه وفيه كوّة ينزل منها الضّوء إلى دار جاره ؛ لاحتمال أنّ فتحها كان له بحقّ) اه .. فإنّها كالصّريح في خلاف الأوّل ، لا سيّما وقد رأيت في بعض الوثائق القديمة أنّها مشتراة من باب السّلطنة ، فدلّ ذلك على أنّه خراج سلطانيّ يباع ويشترى.
وفي «بستان العجائب» للسّيّد محمّد بن سقّاف ابن الشّيخ أبي بكر بن سالم أنّه : (كان لآل بن يحيى مال بالعجز ، ساوم فيه الحبيب شيخ بن أحمد ، فقالت له الشّريفة علويّة بنت الشّيخ عليّ بن أحمد : يا عمّ شيخ ، لا تشتر مال الدّيوان لآل أحمد بن عليّ.
قال : إنّه مال واسع رخيص الثّمن. قالت له : لا تطفىء نورنا بنار الدّيوان. فترك ذلك ولم يشتره) اه
وفيه قيام الشّبهة مع اطّراد العادة ببيعه وشرائه.
فإن قيل : هلّا يكون ما اشتهر من انبناء اليد على الشّراحة (١) كافيا في عدم اعتبار ترتّب اليد؟ قلت : غاية ما يمكن من ذلك الاشتهار بالتّرك أن يكون بمثابة الخبر الصّحيح ، وقد صرّح ابن حجر بأنّه لا يرفع اليد الّتي لا يعرف أصلها ما لم يكن معه إقرار أو بيّنة ، وقد بسطت القول على هذا في المسألتين (١٤١٨) و (١٤٧٤) من «صوب الرّكام».
ثمّ رأيت الكبسيّ نقل في «تاريخه» عن كلّ من الخزرجيّ والجنديّ : أنّ طغتكين بن أيوب لمّا استولى على اليمن .. دعته نفسه إلى شراء أرضهم بأسرها ، وأمر المثمّنين أن يثمّنوها لتكون الأرض كلّها للحكومة بعد دفع ثمنها ، ومن أراد حرث شيء منها .. فليصل إلى الدّيوان ، وليستأجر من وكلاء الحكومة ، ولكن عاجلته المنيّة دون تنفيذ ذلك باليمن ، ومعلوم أنّه وصل إلى حضرموت.
__________________
(١) جاء في هامش المخطوط : (لعل سيّدي مفتي حضرموت لم يبلغه أنّ هؤلاء مقرّين بالحقّ لأهل المال ، وإنّما الّذي يأخذونه من المال هو مجرّد حقّ الشّراحة).